راجانا حمية34 عاماً طُويت أمس من عمر أهالي المدوّر ــــ الكرنتينا، وهم بعيدون عن بيوتهم التي هجّروا منها ذات حرب. على عتبة العام الجديد من ذكرى التهجير، يعيد الأهالي تذكير من «يهمّهم الأمر» بأن ثمة حلماً لا يزال قائماً إلى الآن: حلم العودة إلى حيث كانوا، وإخلاء العقارات التي يشغلها الجيش اللبناني هناك. أمس، حضر الأهالي للتذكير بهذا، فتجمعوا في دار نقابة الصحافة، مؤكّدين على «حقّ المهجّر بالعودة إلى المنطقة التي هجّر منها»، طبقاً لبنود وثيقة الوفاق الوطني. لم تخلُ الذكرى، أمس، من استرجاع أوجاع لم تندمل بعد، ولا مجال لنسيانها، أو حتى تناسيها. فكيف لوالد أن ينسى ابنه الذي عاد إليه ذات ليل من ليالي الحرب «قطعاً من اللحم معبّأة في كيس أحمر، كان كيساً للبصل»؟. هم وحدهم، المجتمعين هناك في دار النقابة، يعرفون معنى تلك العودة في كيس البصل، ولا أحد سواهم. لذلك، لم يكن حاضراً هناك سواهم وبعض المتضامنين مع تهجيرهم القسري، ونائب واحد من بيروت، على الرغم من الدعوات التي وُجّهت للنواب. لكن، «لا أحد يريد لنا العودة إلى منطقتنا»، يصرخ محمد دياب، أحد المهجرين، سائلاً النائب الوحيد، هاني قبيسي، عن «اللامبالاة التي يواجهنا بها ممثلونا».

لم يحضر سوى نائب واحد من بيروت على الرغم من الدعوات التي وجهت للنواب
لا موقف رسمياً موحداً يريح هؤلاء المنتظرين من انتظارهم، ولا شيء سيعينهم في الذكرى التي لم يحضرها أي ممثل عن الدولة وقيادة الجيش سوى المطالبة بحقّهم. ولعل الحق الجديد الذي أرادوه خاصاً هذا العام هو «إنذار» قيادة الجيش أن المهلة التي يعطونها لهم لبناء المكان البديل مقابل الخروج من عقارات الأهالي التي يشغلونها هي «سنة واحدة فقط، وتبدأ من تاريخ إبلاغنا»، يقول رئيس لجنة العودة المحامي حسن مطر. وفي حال عدم الاستجابة لهذا المطلب، شدد مطر على «أن الأهالي سيتصرفون عندها وفقاً لما تقتضيه مصلحتهم»، من دون تحديد الخطوات التي يمكن أن يتخذوها، وخصوصاً «أنها لم تتبلور بعد». ثمة مطالب أخرى، ولكنّها على أهميّتها، إلا أنها ليست جديدة، فهي تتكرر من ذكرى إلى أخرى. ولعلّ المطلب الأبرز، ما بعد إنذار القيادة، هو «إجراء التعديل على القرار 322، بحيث يشمل إعادة البناء في المدينة أيضاً، وليس في القرى والبلدات فقط».
من جهة أخرى، أطلع مطر الأهالي على نتائج اللقاء أول من أمس مع وزير المهجرين، أكرم شهيّب. ولفت إلى أن «الوزير ظن أن الموضوع ينحصر في قيادة الجيش، لا الوزارة»، لافتاً إلى «أننا أكدنا له أن قضيّة المهجرين تخصّ وزارتكم وقدمنا له مذكرة بمطالبنا، وقد وعد بتقديمها للحكومة وقيادة الجيش».