12 يوماً مرّت، من دون تنفيذ قرار وزير الزارعة بإخراج حيوانات سيرك مونتي كارلو المخالفة من لبنان، ذرائع كثيرة قدمتها الشركة المستوردة لتكسب المزيد من الوقت، وآخرها تقديم طعن أمام مجلس شورى الدولة
بسّام القنطار
دخلت قضية حيوانات سيرك «مونتي كارلو»، الآتية إلى لبنان من مصر وتُستخدم في عروض بهلوانية، مرحلة جديدة، بعدما أعلن صاحب شركة ايفانتو (Evento)، سهيل عبيد، تقديم دعوى أمام هيئة القضايا في مجلس شورى الدولة للطعن في القرار 5/1 تاريخ 8/1/2010 الذي اتخذه وزير الزراعة حسين الحاج حسن والقاضي بإخراج الحيوانات (3 نمور و6 أسود) ضمن مهلة 48 ساعة من البلاد.

كلام عبيد جاء أمس خلال مؤتمر صحافي داخل خيمة السيرك المنصوبة بالقرب من مجمع ميشال المر الرياضي في الدورة، وشارك فيه الشريك المصري حسين عاكف، والمحامي أنطوان طوبيا، بغياب صاحب الحيوانات محمد الحلو.
ورغم مرور 12 يوماً على صدور القرار الوزاري، قررت النيابة العامة إعطاء مهلة إضافية لأصحاب السيرك بعدما أفادوا بأنهم ينتظرون أذونات جديدة من سوريا والأردن لتسهيل عملية عودة الحيوانات إلى مصر. وبحسب الرسالة الجوابية التي وجهها أول من أمس، السفير الأردني في لبنان زياد المجالي إلى سهيل عبيد، فإن الأخير تقدم بكتاب الى السلطات الأردنية بتاريخ 16/01/2010 يطلب فيه الحصول على إذن مرور حيوانات مفترسة عبر الأراضي الأردنية. وأكد المجالي «أن الأمر لا يستوجب موافقة جديدة للعودة، نظراً إلى أن المرور عبر الأردن الى لبنان قد حصل سابقاً، بشرط توافر الوثائق اللازمة المتعلقة بالحيوانات».
يتناقض كتاب السفارة الأردنية مع ما قاله عاكف في المؤتمر الصحافي، لجهة تأكيده أن عودة الحيوانات إلى مصر تحتاج الى أذونات جديدة من السلطات المعنية في مصر، وكذلك من سوريا والأردن، اللذين ستمر الحيوانات في أراضيهما، ما يعني أن الشركة تسعى إلى كسب الوقت، علماً بأن طبيبين مختصّين من وزارة الزراعة أجريا أمس كشفاً صحياً جديداً على الحيوانات، بهدف إعطاء إفادة صحية تسمح للشركة بإبرازها على الحدود في أثناء العودة الى مصر.
وشن عبيد خلال المؤتمر هجوماً على الوزير الحاج حسن، متهماً جمعية حيوانات لبنان «بأنها زوّدت الوزير بمعلومات خاطئة، وعلى نحو مكثف، وقد جرى تضليله». وأضاف: «صحيح أن الأوراق كانت تنقصها بعض التفاصيل، لكن لم تطلب منا تلك الأوراق في الأساس. حاولنا مراراً، بعدما اتخذ الوزير قراره، إبلاغه بأن هناك أضراراً ستلحق بنا في عملية الترحيل، لكنه لم يستجب. نحن بدأنا إجراءات الترحيل التي قد تأخذ قليلاً من الوقت، لأننا بحاجة الى موافقات من مصر وسوريا والأردن، ولقد أبلغنا أمس بأن سوريا وافقت على إرسال الحيوانات عبرها، لكنهم يريدون شهادات صحية. وبالفعل تقدمنا بطلب الحصول على تلك الشهادات».
بدوره، أرسل السفير المصري في لبنان أحمد فؤاد البديوي كتاباً الى الوزير الحاج حسن بتاريخ 13/1/2010 جاء فيه: «أتشرف بالإحاطة علماً بأن رئيس مصلحة الجمارك المصرية قد أبلغنا أن الحيوانات المذكورة قد جرى تصديرها بعد الحصول على موافقات من الهيئة العامة للخدمات البيطرية وشهادة صحية بيطرية، وموافقة من الهيئة الإدارية لتنفيذ اتفاقية سايتس في مصر». أضاف الكتاب: «وجرت مخاطبة الهيئة العامة للهيئات البيطرية بوزارة الزراعة، للتأكد من إمكان إعادة استصدار تصريح نقل الحيوانات بتاريخ 31/12/2009».
كذلك أبرزت الشركة خلال المؤتمر الصحافي كتاباً موجهاً من الهيئة العامة للخدمات البيطرية في مصر إلى السفير عبد الرحمن صلاح، مساعد وزير الخارجية المصري، ويفيد الكتاب بأن الهيئة حقنت الحيوانات برقائق ميكروشيب (تثبت هويتها) بتاريخ 14/12/2009، وأن محمد الحلو صدّر الحيوانات من دون وضع الأرقام على شهادة الحيوانات الصحية، لكنه وضع رقماً واحداً فقط (!!) مع العلم بأن «الأرقام على الشهادة الصحية تنقل بعد أن يقرأها أطباء الحجر البيطري في المعبر الحدودي بالقارئ الإلكتروني». كذلك أبرزت الشركة فواتير وشهادات شحن تفيد بأن الأرقام التسلسلية للميكروشيب قد اشتُريت من شركة «دبليو آي أس فارم» المصرية، التي استوردتها عام 2008 من شركة «ديسترون فيرنغ» في الدانمارك.
وكان ليو أورتنبلاند، مدير الشركة، قد أفاد في وقت سابق، وبناءً على طلب من جمعية حيوانات لبنان، بأن أرقام الميكروشيب التي أفادت الشركة بأنها حقنت الحيوانات بها بيعت إلى شركة... «يونيفارم» اللبنانية!
اتصلت «الأخبار» بـ«اورتنبلاند» واستوضحته، وبعد مراجعة بيانات الشركة المصنّعة في الولايات المتحدة الأميركية، تبيّن فعلاً أن الميكروشيب المذكورة بيعت إلى مصر لا إلى لبنان، وأن الإفادة الأولى التي قدمها أورتنبلاند، والتي تشير إلى أن هذه الأرقام تعود إلى الشحنة المستوردة الى لبنان، كانت متسرّعة ولا تستند إلى تدقيق حقيقي للبيانات.
بناءً على الإفادة الجديدة للشركة الدانماركية، فإن أصحاب السيرك يكونون قد كسبوا نقطة لمصلحتهم، لكن النقاط الباقية التي استند إليها الوزير في قراره لا تقل أهمية عن موضوع الميكروشيب. فالإذن الذي أعطاه مكتب «سايتس» في مصر لمحمد الحلو هو لسبعة أشهر، علماً بأن المهلة القصوى حسب الاتفاقية الدولية للمكوث في الخارج هي ستة أشهر فقط! كما أن ورود اسم وزارة الثقافة المصرية على شهادة الاستيراد اللبنانية يعدّ غير ذي صفة، بعدما تبين أن المستورد (والمصدر) هو محمد الحلو شخصيا!ً وأن ورود عبارة «مدرب وحوش مفترسة ـــــ وزارة الثقافة المصرية» على جواز سفره لا يعطيه الحق باستخدام اسم الوزارة في عملية استيراد الحيوانات التي يملكها وتصديرها. وأكد مساعد

سكريتاريا «سايتس» طلبت مصادرة الحيوانات في لبنان أو في أي دولة تمر فيها

السكرتير التنفيذي لاتفاقية سايتس جان سيلار في رسالة إلى «الأخبار» أن السكريتريا الدولية للاتفاقية ترى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الآيلة إلى مصادرة الحيوانات، وذلك بعد مخالفة أصحابها للقواعد الدولية المتعلقة بالشحن والتصدير. وأنه في حال عدم امتلاك الدولة اللبنانية الآلية القانونية للقيام بعملية المصادرة، فمن الضروري أن تبادر فوراً إلى ترحيلها من لبنان، مع العلم بأن السكريتاريا طلبت من الدول الأعضاء التي ستمرّ الحيوانات فيها التحقيق في ما إذا كانت الشحنة تخرق الاتفاقية الدولية للإتجار بالحيوانات وبالتالي اتخاذ قرار فوري بمصادرتها.
المدير التنفيذي لجمعية حيوانات لبنان جايسون ماير أكد أن الجمعية تحتفظ بحقها القانوني تجاه الاتهامات التي وجهها سهيل عبيد إلى الجمعية، لجهة اتهامها بأنها طلبت الحصول على أموال منه. وأشار ماير إلى أن بحوزته تسجيلاً صوتياً للحوار الذي جرى مع عبيد، وأن هذا الشريط سيُبرَز في الوقت المناسب، لتأكيد كذب ادعاءات عبيد، التي تهدف إلى تشويه صورة الجمعية.
وكان عبيد قد قدّم رواية مفادها أنّ لانا الخليل وجايسون ماير اجتمعا معه وطلبا دعماً مالياً فرفض الطلب «لأن الوضع لا يحتمل، وهنا حصلت حملة شعواء ضدنا وضد السيرك».


لبنان سينضمّ إلى «سايتس»

شكّلت قضية دخول حيوانات السيرك إلى لبنان حافزاً مهماً لتسريع عملية انضمام لبنان إلى اتفاقية التجارة الدولية بالحيوانات والنباتات المهدّدة بالانقراض (المعروفة اختصاراً باسم اتفاقية سايتس). وتُعدّ تجارة الحيوانات والنباتات البرية من أكبر النشاطات التجارية حجماً على مستوى العالم، إذ إنها تدرّ أرباحاً طائلة على ممارسي هذا النشاط، وهي أحد العوامل التي تؤثر على فرص بقاء هذه الأنواع في الطبيعة إذا لم يُنظَّم الاتجار بها.
ويُعَدّ لبنان أحد أهم ممرات العبور لهذه التجارة بين قارة آسيا وأفريقيا وأوروبا، وجميع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أعضاء باتفاقية سايتس، فيما عدا كل من العراق ولبنان والبحرين. وأمام لبنان فرصة الانضمام إلى هذه الاتفاقية في اجتماع الدول الأطراف الذي سيعقد في آذار المقبل في قطر. وقد علمت «الأخبار» أن وزير الزراعة، حسين الحاج حسن، بصدد الطلب من مجلس الوزراء الموافقة على طلب الانضمام، والذي سيخضع أيضاً لموافقة الدول الأطراف التي ستجتمع في قطر.