عام مضى وطلاب اللبنانية محرومون من تجديد مجالسهم. القرار الذي أملته تشنجات الأمس لم يعد مناسباً في زمن المصالحات. اليوم، يعتصم طلاب القوات والكتائب والأحرار للمطالبة بتحديد موعد للانتخابات، فيما تنظم التعبئة التربوية خلال الأسبوع المقبل لقاءً لجميع الهيئات للمطالبة بقانون يضمن صحة التمثيل الطالبي

محمد محسن
منذ فترة، بدأ أخصام الأمس في السياسة يلتقون مجدداً في أروقة الجامعة اللبنانية. لم يعد هدف اجتماعاتهم ضبط انفعالات الطلاب، ومنع تحولها إلى صدامات، كما كان الحال خلال فترة التوتر السياسي الحاد. إلا أنه لا يعني أيضاً تأسيس تحالف فوري على المستوى الطالبي. المؤكد أن ما يحصل هو انعكاس للمصالحات السياسية التي حدثت أخيراً. فقد حرمت تشنجات السياسة اللبنانية منذ عامين الطلاب من انتخاب مجالس الفروع في كلياتهم. أما الآن، فقد ابتسم الزعماء بعضهم لبعض، فهدأت الأجواء بين أبناء الجامعة الوطنية وأصبحوا يتساءلون عن إعادة الانتخابات الطالبية إلى جامعتهم. فهو حق مكتسب لهم. وعلى اختلافها في السياسة، تصر الهيئات الطالبية على رغبتها في ضرورة العودة عن قرار منع الانتخابات الصادر العام الماضي. رغبة يبدو أنها في طريقها إلى التحقق، إذ تشير مصادر مقربة من رئاسة الجامعة إلى وجود توجه إيجابي نحو إعادة الانتخابات، لافتة إلى أن هذا القرار لن يتخذ «قبل اجتماع قريب جداً، سيعقده رئيس الجامعة، زهير شكر، مع ممثلي الهيئات الطلابية». في الاجتماع، ستطرح إدارة الجامعة هواجسها لجهة إمكانية ضبط العملية الانتخابية. أما الهيئات الطالبية، ففي حوزتها كلمة موحدة لطمأنة الرئاسة والمطالبة بالانتخابات. هكذا، يبدو أن الانتخابات قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من العودة للجامعة.
لذلك، بدأ العمل ولو مستتراً، لجذب القوة الأكبر من الناخبين، أي المناصرين. وإذا صدر قرار إعادة الانتخابات، فإن برودة المنافسة في الفرع الأول، ستشتعل في صناديق الفرع الثاني. حتى الساعة، تسعى الأحزاب إلى عودة الانتخابات وبعدها لكل حادث حديث. ولكن، ما هي حسابات الربح والخسارة عند هذه القوى؟ هل ستحافظ على «قلاعها» وستسعى لاقتحام «حصون» الأخصام السياسيين؟
في الفرع الأول، عادت الأمور إلى سابق عهدها الهادئ، وتراجعت حدة الاحتقانات إلى مستوى ملحوظ. هذا ما يؤكده رئيس مجلس طلاب الفرع الأول في كلية الحقوق أيمن شحادة. وبحسب شحادة فإن «الهموم الأكاديمية والنشاطات الطلابية، التي تجمع الطلاب على اختلاف انتماءاتهم تحتل صدارة النشاطات». تالياً، لا تبدو مطالبة شحادة بالانتخابات مستهجنة «بعد الهدوء الذي أرخته المصالحات السياسية»، كما يقول. من جانبه، مسؤول الجامعة اللبنانية في التعبئة التربوية لحزب الله، عباس قطايا، يشير إلى أن الحديث عن التحالفات الانتخابية «سابق لأوانه، لكن التوجه هو التحالف مع حركة أمل». وماذا عن أخصام الأمس؟ يجيب قطايا أن الخصم السياسي ليس عدواً على الإطلاق، وإمكانية التحالف قائمة، وخصوصاً أن «هموم اللبنانية تجمع كل الطلاب». لا يستعجل الأمين العام لمنظمة الشباب التقدمي ريان الأشقر في الحديث عن التحالفات، مشيراً «ننتظر القرار قبل أن نتحرك»، ولافتاً إلى أن المصالحات أثرت إيجاباً «مع أننا كنا دائماً نفصل العمل الأكاديمي عن السياسة»، وإلى أن الهموم الأكاديمية ستطغى «مع بعض العناوين السياسية».
في الفرع الثاني، الحماسة شديدة، والأمور بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ذاهبة باتجاه «كسر العظم». هذا ما تثبته تصريحات مسؤولي الطرفين. في التيار البرتقالي، يشير مسؤول الجامعة اللبنانية، أنطون سعيد، إلى «أن القوات ليست عدواً»، إلا أنه يؤكد أن التيار نائم على حرير الفوز بـ«قلعتي» العلوم والآداب. أما الفنون والهندسة والزراعة فستشهد معارك يؤكد التيار أنها ستنتهي لمصلحته. وفي الضفة الأخرى وبعد أن «يطمئن» مسؤول الجامعة اللبنانية في القوات اللبنانية، شربل شويخ، إلى أن «الحقوق وإدارة الأعمال والإعلام هي قلاع القوات»، يبدأ بالتصويب على «نفوذ» التيار. في العلوم، تعوّل القوات على معركة طاحنة تكسر فوز التيار. أما في الآداب فـ«معركة بدأناها منذ فترة» بحسب شويخ. الواضح أن «القوات» تتكل على تقدمها في الجامعات الخاصة، وتسعى إلى نقل عدواه إلى الجامعة الرسمية. وفي السياق نفسه، أشار كل من قطايا وشويخ، إلى أن الأطراف المعنية من الجهتين، تعكف على وضع تصورات لقانون الانتخابات في الجامعة، وستعرضها خلال الاجتماع مع رئيس الجامعة.


اللعبة براغماتية والشاطر يكسب

مخطئ من يظن أن الفوز بالانتخابات الطالبية مرهون بالهوى السياسي للطلاب وحسب. فالمناصرون، وتحديداً غير المنتمين إلى أحزاب، يمثّلون القوة الأكبر على مستوى التصويت. بالتالي، يستدعي جذبهم استعمال «مغريات» تستطيع الأحزاب من خلالها النفاذ إلى قلوبهم للحصول على صوتهم. هكذا، ومع بداية العام الدراسي، يبدأ العمل. الهدف الأول للأحزاب: طلاب السنة الأولى ممن لا يفقهون كيف تسير الأمور في الجامعة. تبدأ استمالتهم عبر التقرب منهم ومساعدتهم في خطواتهم الأكاديمية الأولى. تليها نقاشات سياسية ودعوة إلى حضور الاجتماعات الحزبية، وغالباً ما تنتشر جملة «إن شئتم، ولكن نتمنى حضوركم. يسعدنا ذلك». لكن، ثمة ما هو أكثر تأثيراً: رحلات بعيدة، سهرات، مباريات كرة قدم، ووعود بالوساطة لدى الدكتور في مادة رسب فيها الطالب. بهذه الطريقة، تبدأ عملية نسج العلاقات العامة داخل الكليات. تتكل التنظيمات على وجوه محببة للطلاب. منها من هو «الجغل»، ومنها من هو «المثقف»، كما أن للفتيات دوراً مهماً بالنسبة لبعض التنظيمات، طبعاً ضمن حدود معينة، تفرضها أفكار كل تنظيم. كذلك، يحتل الشخص الودود الذي يساعد زملاءه في الصف، أولوية على جداول التنظيمات. تصوير المقررات أيضاً، هو عامل مؤثر. أخيراً، بات لموقع الفايسبوك دوره أيضاً. هكذا، يؤسس الطلاب مجموعات باسم كلياتهم. وعبر الشاشات، تدور حوارات كثيرة، وتنشأ علاقات أقوى. أما مدير المجموعة، المفوض من حزبه، فعليه أن يكون طويل البال، لماذا؟ لأنه سيكون عرضةً لأسئلة كثيرة من الطلاب، عن البرنامج والدوام والعطل. وإذا استطاع تأمين الإجابات للأسئلة الكثيرة، فلا شك، سيحصل تنظيمه على الأصوات. كيف لا؟ أليس هو من ساعد الطلاب؟!