طرابلس ـ عبد الكافي الصمدطُويت أمس قضية حجاب التلميذة في الصف الثامن غوى أحمد البعريني (12 عاماً)، بعد يوم دراماتيكي انتهى بتقديم مدير مدرسة المحامي حنا الخوري جرجس الشالوحي الرسمية في بلدة دار بعشتار ـــــ الكورة، يوسف بشارة، ومدرّس الرياضيات فيها شارل عنداري، اعتذارهما إلى غوى وأهلها على خلفية محاولتهما نزع حجابها، الذي ارتدته مطلع العام الدراسي الجاري، خلال لقاء رعاه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في دار الإفتاء في طرابلس، بحضور النائب السابق وجيه البعريني، ومسؤول استخبارات الجيش في الشمال العقيد عامر الحسن وذوي الطرفين.
وكانت التطورات المتعلقة بالقضية قد تفاعلت أول من أمس، عندما أوقفت القوى الأمنية في الشمال بشارة وعنداري بناءً على إشارة النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي عمر حمزة، على خلفية الدعوى القضائية المقامة ضدّهما من رابطة الطلاب المسلمين، ووالد غوى في 28 /12 /2009، بتهمة حجز غوى و«محاولة نزع حجابها بالقوة، وضربها وحجزها داخل أحد الصفوف». أحدث التوقيف ردّ فعل لدى أهالي البلدة، الذين اعتصم بعضهم أمام المدرسة، معتبرين أن القضية ليست على النحو الذي يعمل البعض على تصويره، وأن غوى كانت تلميذة مشاغبة، وتعرضت للأستاذ بعبارات مسيئة. وقرع بعضهم جرس كنيسة البلدة استنكاراً. عيّن قاضي التحقيق في الشمال بلال وزنة أمس جلسة استماع إلى أقوال الطرفين، وإلى إحسان يحيى، زميلة غوى في الصف كشاهدة، استمرت نحو ساعة ونصف ساعة، قرّر بعدها إخلاء سبيل بشارة وعنداري بكفالة مالية مقدارها مليون ليرة لكل منهما.
وفيما كان وكيل الرابطة المحامي حسن الخيّال يعدّ لتقديم طلب استئناف لقرار القاضي وزنة، تسارعت الاتصالات لاحتواء القضية وإنهاء ذيولها، بعد تفاعلها شعبياً وإعلامياً وعلى مواقع الإنترنت وفي دور العبادة، وأفادت مصادر متابعة للقضية أنه عُقد يوم السبت الماضي اجتماع حضره النائب معين المرعبي وبشارة وعنداري ونافع والخيّال، حيث اعترف بشارة بغلطته، وبأنه لم يكن يعلم أبعاد القضية بهذا الشكل، وأبدى استعداده للاعتذار علناً، وكرّر ذلك أيضاً خلال جلسة استجوابه وبعدها، وهو الأمر الذي أكّده مقرّبون منه حضروا الجلسة، وأبدوا حرصهم على التعاون والاستعداد للقيام بما يلزم لإنهاء القضية.
من ناحيته قال الخيّال لـ«الأخبار»: «لم يرضخ القضاء لضغوط كثيرة تعرّض لها، ولو لم يكن ثمّة ما يدين المدير والأستاذ لما أوقفهما»، مشدّداً في الوقت ذاته على حرصه على «العيش المشترك والسلم الأهلي»، وداعياً وزير التربية حسن منيمنة إلى «اتخاذ تدابير مسلكية بحق بشارة وعنداري».
واتضح بعد سلسلة مساعٍ واجتماعات متعددة أن الاعتذار يبدو مخرجاً مقبولاً من الجميع، وتحديداً من غوى وعائلتها، بعدما كان والدها رافضاً ذلك بشدّة في البداية، وهو ما تكرّس في لقاء دار الإفتاء، التي شهدت اجتماعات متلاحقة عقدها الشعار مع فعّاليات سياسية وأمنية ودينية لهذه الغاية، وخصوصاً بعد إعلان غوى انتقالها لمتابعة دراستها في مدرسة الإيمان الإسلامية الخاصة في مسقط رأسها ببلدة فنيدق في عكار، إثر انتقال عائلتها المكوّنة من والدها ووالدتها وخمسة إخوة (غوى الفتاة الوحيدة في العائلة) للإقامة في بلدة العبدة، فيما توجّه والدها للعمل في مهنته مزارعاً في بلدة مشمش المجاورة، بعدما كان قد أمضى 22 عاماً متواصلة مقيماً وعاملاً في دار بعشتار.