مصر تطلق حملة عالمية لحث دول «العالم القديم»، أي تلك التي تختزن في أراضيها آثار الحضارات المندثرة، للمطالبة بالقطع المسروقة من بلادها.فقد أعلن المجلس الأعلى للآثار المصرية أن مملثي 30 دولة سيشاركون في مؤتمر يعقد في نيسان المقبل في القاهرة، لبحث استرداد تلك الدول آثارها المسروقة بعد توقيع اتفاقيات اليونسكو، التي تمنع الاتجار بالقطع الأثرية المكتشفة أو المسروقة بعد توقيعها عام 1970، فيما تسمح بتجارة القطع المكتشفة قبل ذلك التاريخ، ما يجعل عملية ضبط القطع المسروقة شبه مستحيلة، وخاصةً إذا كانت منهوبة من المواقع الأثرية لا من المتاحف والمخازن.
ويرى اختصاصيون في الآثار أنّ المؤتمر الذي تدعو إليه مصر بمثابة «تحالف» لدول العالم القديم ضد «احتكار» السوق العالمية للتحف القديمة واستملاكها والمتاجرة بها، مما يجرد تلك الدول من ماضيها.
وإذ أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، زاهي حواس، لوكالة فرانس برس، أن «المؤتمر الذي دعت إليه مصر يستهدف مناقشة أوضاع الآثار التي سُرقت من هذه الدول، بعد توقيع اتفاقيات اليونسكو في سبعينات القرن الماضي»، لفت إلى أن ملف الآثار التي نهبتها الدول الاستعمارية، ولا سيما بريطانيا وفرنسا وإسبانيا، في القرون الـ17والـ18و الـ19، «كبير ولا نستطيع أن نفتحه الآن، لكننا نفكر فيه، وسيُناقش مع مختلف الأطراف في المؤتمر الحالي، إلا أنه لن يكون المحور الرئيسي».
وكانت وزيرة الثقافة اليونانية الراحلة، ميلينا ميركوري، هي التي أثارت في ثمانينات القرن الماضي فكرة استعادة الآثار اليونانية التي نهبتها بريطانيا خلال احتلالها اليونان، وأطلقت حملة لاسترداد تلك التحف، التي تحتفظ بها، وتعرضها كبرى المتاحف في العالم. وأكبر الدعاوى القضائية في هذا الإطار هي تلك ترفعها الدولة اليونانية ضد المتحف البريطاني من أجل استعادة مكوّنات معبد البارتنون في أثينا. وقد سبّبت تلك الدعاوى أزمة في العلاقات السياسية بين الدولتين، بسبب رفض بريطانيا المتواصل إعادة تلك التماثيل الفريدة من نوعها إلى بلدها الأمّ.
وقضية اليونان ليست فريدة من نوعها، وخاصةً بالنسبة إلى مصر، التي تطلق منذ سنوات الحملات المتتالية لاسترداد القطع المسروقة من أرضها، وخاصةً بعد توقيعها اتفاقية اليونسكو، التي يتعهد موقّعوها عدم شراء أو إبقاء أو عرض أيّ قطعة أثرية مكتشفة بعد 1970. وقد أوضح حواس أن الهدف من هذا المؤتمر «هو التشاور في ما بين هذه الدول، والخروج بتوصيات محدّدة لاستعادة آثارها، بما في ذلك إعداد قائمة لكل دولة بالآثار التي تطالب باستردادها، والموجودة في كبرى المتاحف العالمية». وأكّد حواس أن «المؤتمر يهدف أيضاً إلى دعم تحرك جماعي على الصعيد الدولى من أجل استرداد الآثار المنهوبة، واستعراض التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الدول في استرداد آثارها».
الدول المشاركة في المؤتمر إلى جانب مصر هي الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق والصين والهند وسريلانكا وأفغانستان وكمبوديا والنيبال وباكستان وتايلند وكوريا واليونان وقبرص وإيطاليا وروسيا وإسبانيا وتركيا وبوليفيا وتشيلي وكولومبيا وكوبا والإكوادور وغواتيمالا وهندوراس والمكسيك والبيرو. وتجدر الإشارة إلى أن متاحف تلك الدول لا تعرض غالباً إلّا قطعاً أثرية مكتشفة على أرضها، فيما متاحف كبرى الدول الغربية تتباهي باختزانها وعرضها تحفاً أثرية في غالبها مسروق من دول العالم القديم.