الدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، يبدأ من العالم الافتراضي، هناك تعبَّأ الاستمارة وتحمّل الصورة الشخصية. بعدها يعود المتقدم سريعاً إلى العالم الواقعي، وتحديداً إلى شبّاك القسم القنصلي في عوكر، حيث ابتسامة الموظّف هناك ترافق عبارة مقتضبة جداً: «مقبول» أو «مرفوض»
بسام القنطار
حوار بدون زجاج عازل. التجربة جديدة بالنسبة إلى القنصل الأميركي في بيروت، كريك سميث، الذي اعتاد أن يتحدث إلى مئات اللبنانين من وراء الزجاج، خلال مقابلته إيّاهم التي تنتهي عادةً بابتسامة، بمعزل عن رفضه منح تأشيرة الدخول أو قبولها.
حوار أمس كان مع عدد من الإعلاميين اللبنانين، الذي دُعُوا إلى مقر السفارة في عوكر، لعرض الإجراءات الجديدة التي ستعتمدها القنصلية لطلبات تأشيرات غير الهجرة، التي ستنحصر بدءاً من 1 آذار 2010 باستخدام استمارة جديدة من خلال الإنترنت. وفيما تولت نائبة القنصل، اندريا مكفيلي، شرح الإجراءات التقنية المطلوبة لإتمام هذه العملية عبر الإنترنت، كان سميث يتأهب للرد على أسئلة الإعلاميين، التي طغت عليها الاستفسارات عن أسباب رفض منح التأشيرة أو قبوله، بمعزل عن طريقة تعبئتها يدوياً أو على الطابعة أو مباشرةً عبر الإنترنت. الاقتضاب سيد الموقف. وطبعاً، الابتسامة نفسها ترافق الجواب المعدّ سلفاً بعناية.
نبرة الصوت والحركة المستمرة يميناً ويساراً، جعلتا سميث يتقمص شخصية الأناس الذين يقابلهم عادةً. في المقابل، أدّى الإعلاميون دورهم المعتاد في طرح أسئلة تراود بال كل لبناني خرج من باب سفارة عوكر وعلى جواز سفره عبارة «مرفوض، الرجاء المحاولة في وقت لاحق». إذاً، ابتداءً من الأول من شهر آذار 2010، ينضم لبنان إلى قائمة من 83 بلداً تطبّق فيها القنصليات الأميركية هذا الإجراء، وسوف يلغي هذا الإجراء حاجة كل مسافر إلى طباعة الطلب وإحضاره إلى القسم القنصلي يوم المقابلة الشخصية.
علاوة على ذلك، على المتقدمين لطلب التأشيرة تعبئة استمارة DS 160 قبل أن يطلبوا حجز موعد للمقابلة الشخصية، وقبل أن يدفعوا رسوم الطلب في بنك الاعتماد اللبناني، التي تبلغ قيمتها 131 دولاراً، ذلك لكونه سيطلب منهم رقم تأكيد استمارة DS 160 أثناء حجز موعد المقابلة الشخصية في البنك المذكور.
الاستمارة الإلكترونية الجديدة متوافرة على العنوان الإلكتروني http://ceac.state.gov/genniv «وتقدم الاستمارة التفاعلية الجديدة ترجمة عربية لكل سؤال، لمساعدة المتقدمين عند تعبئتهم الاستمارة». وفق ما أعلنته نائبة القنصل مكفيلي. وفي استطاعة المتقدم للتأشيرة الوصول إلى الموقع الإلكتروني للاستمارة وتعبئتها مجاناً، وباستطاعته أيضاً تعبئة الاستمارة في أي مكان تتوافر فيه شبكة الإنترنت: في البيت أو العمل أو المقهى. ولا تنسى مكفيلي أن تشير إلى أن المستخدم يمكنه حفظ المعلومات والعودة إليها في وقت لاحق، قبل أن تعلّق مبتسمة «حال انقطاع الكهرباء المفاجئ والمتكرر في لبنان نموذج مفيد لأهمية ميزة حفظ الاستمارة قبل إرسالها».
وتلفت مكفيلي إلى أنّ بإمكان المتقدمين للتأشيرة تحميل (upload) صورتهم الشخصية على الاستمارة، وتقديم الاستمارة بواسطة الإنترنت. وعلى المتقدم طباعة صفحة تأكيد استمارة DS160 لدى الانتهاء من تعبئتها. وعلى المتقدمين أيضاً إحضار المستندات الأخرى المطلوبة، مثل إيصال الرسم من بنك الاعتماد اللبناني، وصورة شخصية حجم صورة جواز السفر (صورة باسبور)، وغيرها من الوثائق ذات الصلة، مثل ورقة عمل وكشف حساب البنك وخطاب قبول من الجامعة، لطلب تأشيرة دراسية.
يرفض سميث إعطاء رقم واضح عن عدد المتقدمين سنوياً إلى القسم القنصلي في بيروت، لكنه يلفت إلى أن ٦٥٪ منهم يحصلون على التأشيرة.
السؤال الذي تكرّر طرحه من جانب الإعلاميين، هو عن توقيت هذا الإجراء، وإذا ما كان بمثابة خطوة تعويض النقمة التي أصابت اللبنانيين بعد إدراجهم ضمن قائمة من 14 دولة يخضع الركاب القادمون منها، المسافرون إلى الولايات المتحدة، لفحص شديد الدقة قبل الرحلة.
يرفض سميث قطعاً هذا الربط، لأن الإجراءات القنصلية لا علاقة لها البتة بالإجراءات الأمنية المتّبعة في المرافق الأميركية، التي تتولّاها أجهزة الأمن والجمارك. لكنه يلفت إلى أن التأشيرة التي تمنحها القنصلية لا تعدّ وثيقة تجيز دخول الولايات المتحدة الأميركية، لأن القرار النهائي بالدخول تمنحه السلطات الأمنية في المطارات والموانئ، التي لها الحق في إعادة المسافر من حيث أتى، في حال وجود شبهات أمنية حوله. ولقد أعلنت واشنطن هذه الإجراءات الأمنية بعدما حاول النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، تفجير متفجّرات مخبّأة في ملابسه الداخلية في 25 كانون الأول الماضي، داخل الطائرة التي كان يستقلّها، لكن المحاولة باءت بالفشل.
ماذا عن المقابلة الشخصية؟ وما هي الأوراق المطلوب إحضارها لإثبات أهلية المتقدم للحصول على التأشيرة؟ السؤال اعتادت مكفيلي الإجابة عنه. ببساطة تامة ليس مطلوباً إحضار الكثير من الأرواق، كما أن إثبات القدرة الاقتصادية عبر ورقة الحساب المصرفي لا يعني أن المتقدم قد يحصل على التأشيرة. «الرد على الأسئلة بطريقة مقنعة، ومجموعة من المعايير المتعلقة بالجدية والصدق والأهلية، هي التي تحكم القرار النهائي بالقبول أو الرفض، بحسب مكفيلي. ولكن، ماذا عن حالات ثبتت فيها كل هذه المعايير ورُفضت؟ تتمهّل مكفيلي قبل أن تجيب: «من يرِد أن يعرف سبب عدم قبوله يمكنه ببساطة أن يقرأ النموذج الذي يوضح الأسباب، والذين يُثبتون في مقابلة لاحقة أنهم عدّلوا في وضعيّاتهم، أو يوضحون أموراً أخرى لم تكن مبيّنة في المقابلة الأولى سيُمنحون التأشيرة. ولكن ماذا عن الأسباب السياسية؟ وهل فعلاً ترفضون منح تأشيرة لمن تظاهر يوماً أمام السفارة؟ تضحك وترد: « قطعاً لا... لا أعتقد أننا متقدمون إلى هذه الدرجة!


إقبال شديد

تُعدّ القنصلية الأميركية في بيروت لخطوات أخرى في المستقبل تتعلق بآلية منح التأشيرة، من دون أن تحدد مهلة زمنية لتطبيقها، منها على سبيل المثال تحديد الموعد للمقابلة، ودفع الرسوم عبر الإنترنت، إضافة إلى تعبئة استمارة DS260 الخاصة بطلبات الهجرة عبر الإنترنت أيضاً. ويتوقع القنصل كريك سميث (الصورة) أن يشهد موسم الصيف إقبالاً على طلبات التأشيرة، لذلك فإن التكيّف مع الإجراء الجديد منذ الآن، يساعد طاقم السفارة والمتقدمين. المهم بالنسبة إلى سميث، ألّا يحضر الشخص الذي حُدّد له موعداً عند العاشرة، أمام باب السفارة عند الثامنة صباحاً. منظر المنتظرين أمام السفارة يزعج سميث. لكن... ماذا عن اللبنانيّين؟