محمد نزال«لا تعليق»... عبارة اعتمدها معظم المعنيّين بقضية التبليغات القضائية السورية، المتعلّقة بدعوى اللواء الركن جميل السيّد، ضد من يصفهم بـ«شهود الزور» في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فـ«بلا تعليق» كان التعليق على ما كشفه اللواء السيد أمس، عن أن السلطات القضائية السورية سلّمت القضاء اللبناني أخيراً، كتاباً رسمياً تستفسر فيه عن مصير التبليغات السابقة، وتُعلن أنه في حال إصرار السلطات اللبنانية على عدم التبليغ وعدم الجواب، فإنه سيصار إلى متابعة الدعوى غيابياً، وملاحقة المدّعى عليهم.
وتتعلق التبليغات المشار إليها، بالدعوى الشخصية المقدمة من السيد ضد من يصفهم بـ«شهود الزور» السوريين محمد زهير الصديق وهسام هسام وعبد الخليم خدام، وشركائهم من سياسيين وقضاة وضباط وإعلاميين لبنانيين وغير لبنانيين.
رفض المعنيون في وزارة العدل اللبنانية التعليق على ما ورد في بيان السيد أمس، رغم أن الأخير أتى على ذكر وزير العدل إبراهيم نجّار، قائلاً إنه «جمّد التبليغات السابقة 3 أشهر لأسباب سياسية، وذلك خلافاً للمواد 24 ـــــ 28 من الاتفاق القضائي الموقّع بين لبنان وسوريا». بدوره رفض المدّعي العام التمييزيّ القاضي سعيد ميرزا التعليق، رغم أن السيد شمله مع الوزير نجّار بتهمة «التجميد السياسي»، قائلاً لـ«الأخبار» إنه يرفض التعليق نهائياً، فـ«منذ 5 سنوات وأنا صائم عن التصريحات الإعلامية في هذا الموضوع، لأنّني أحترم صلاحياتي كقاض»، مردفاً إنه لا يريد التصريح تحت اسم مصدر «كما يفعل الجبناء». وتشمل التبليغات القضائية السورية كلّاً من الوزراء السابقين: مروان حمادة وشارل رزق وحسن السبع، والنائب السابق إلياس عطا الله، إضافةً إلى القضاة: سعيد ميرزا وصقر صقر وإلياس عيد، والضباط: أشرف ريفي ووسام الحسن وسمير شحادة وحسام التنوخي وخالد حمود،
شارل رزق: سوريا بلد شقيق، وعندما يصلني التبليغ رسمياً سيكون لكل حادث حديث
إضافةً إلى الصحافيين: فارس خشان وهاني حمود وعمر حرقوص وعبد السلام موسى وأيمن شروف وحسن صبرا وزهرة بدران ونديم المنلا وحميد الغريافي ونهاد الغادري، وكذلك تشمل السفير السابق جوني عبده، والعميد المتقاعد محمد فرشوخ، والمواطن اللبناني عدنان البابا، وشاهدين في القضية هما أكرم مراد، وإبراهيم جرجورة. رفض الوزير السابق مروان حمادة التعليق على الموضوع، وكذلك فعل المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي. أما وزير العدل السابق شارل الرزق، فقد ردّد 5 مرات عبارة «يحقّ لجميل السيد أن يتكلم كما يريد، فهذا رأيه»، وفي المرة الأخيرة أضاف قائلاً «لا علاقة لي بالأمر على الإطلاق، فأنا لم أتبلّغ شيئاً حتى الآن بوجوب الذهاب إلى سوريا والمثول أمام قاضي التحقيق هناك». ورداً على سؤال وجهته «الأخبار» إلى رزق عمّا إذا كان سيذهب إلى سوريا، في حال وصول التبليغ إليه رسمياً، قال إنّ سوريا «بلد شقيق، وعندها لكل حادث حديث».
من جهته، أكّد اللواء السيد لـ«الأخبار» أن الكتاب الرسمي الأخير وصل إلى السلطات القضائية اللبنانية منذ نحو أسبوعين، وأن فيه عرضاً مفصلاً للوقائع التي أثارها محاموه أمام القضاء السوري، لجهة أن السلطات اللبنانية المختصة قد جمّدت التبليغات لأسباب سياسية. وجدّد السيد اتهامه للأشخاص المذكورة أسماؤهم بـ«تضليل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بهدف إلصاق التهمة بي وبضباط آخرين، وتنفيذ الاعتقال السياسي والتعسفي بحقّنا مدّة 4 سنوات تقريباً».
ولفت السيد في حديثه إلى أن الكتاب الرسمي الموجّه من السلطات القضائية السورية، هو الأخير قبل أن يصار إلى تبليغ المدّعى عليهم لصقاً على لوحة إعلانات قصر العدل في دمشق، وفقاً للإجراءات القانونية المعتمدة أصولاً، ثم إصدار مذكّرات توقيف غيابية، ومتابعة السير بالدعوى غيابياً.
تجدر الإشارة إلى أن قضية التبليغات كانت محلّ أخذ ورد منذ صدورها، حيث شاب تفسير معناها القانوني الكثير من اللغط، مثل تسميتها «استنابات قضائية»، فيما هي لا تعدو كونها تبليغات لعدد من الأشخاص للمثول أمام قاضي التحقيق الأول في دمشق، كشهود في دعوى اللواء السيد لا كمتهمين. ويرى الخبير القانوني الدكتور شفيق المصري أنه «يجب أن تراعى الأصول الدبلوماسية في قضية التبليغات، وكذلك الصفات التي يحملها الأشخاص الواردة أسماؤهم فيها، إذ لا يصح أن يمثُل شخص بصفة المدّعي العام التمييزيّ في بلد أمام قاضي تحقيق في بلد آخر، فهذه لا تحصل ضمن البلد الواحد». ولفت المصري في حديث مع «الأخبار» إلى أن التبليغات بين الدول أمر قائم، لكنها «يجب أن تجري عبر القنوات الدبلوماسية، لا عبر القضاء مباشرةً، علماً بأن الاتفاق القضائي الموجود بين البلدين كان قبل أن تقوم بينهما علاقات دبلوماسية، أمّا اليوم، فالحال مختلفة».