يارون ــ داني الأمينعقدة الحصول على التوافق التي تؤخر معظم الاستحقاقات اللبنانية، هي عينها التي أدّت إلى إلغاء الانتخابات البلدية في يارون ــــ بنت جبيل. بلدة التعايش الإسلامي المسيحي «حرمت من مجلس بلدي بسبب تدخلات السياسيين الذين اتفقوا حينها على إلغاء الانتخابات في البلدة لعدم الاتفاق على انتخاب الثلث المسيحي الضامن، بهدف الحفاظ على العيش المشترك والوحدة الوطنية، رغم أنهم بذلك حرموا أبناء البلدة من مجلس بلدي يسهر على تنمية البلدة وتطويرها»، يقول ابن البلدة محمد غشّام. موضحاً أن «الخلاف لم يكن بين الأحزاب أو العائلات، بل على نسبة تمثيل المسيحيين والمسلمين».
يبدو أنّ الخلاف على «الثلث الضامن»، سيبقى مستمرّاً بين أبناء البلدة الواحدة في يارون، حيث يعتبر عدد من أبناء البلدة أنّ «عدد المسيحيين فيها قد انخفض كثيراً، وتراجع إلى أقلّ من الربّع، بسبب نزوح المسيحيين وهجرتهم من دون عودة، وهذا ما لا يسمح للمسيحيّين بالمطالبة بثلث أعضاء المجلس البلدي».
لكن المختار علي غشّام يرى أنّ ما حصل في الانتخابات السابقة ما كان ليحصل لو كان هو موجوداً في البلدة وقت نشوب الخلاف. «أنا كنت أستطيع إقناع كلّ الأطراف بالموافقة على مطلب المسيحيين، حفاظاً على التعايش وروح المودّة بين المسيحيين والمسلمين». لكنّ غشّام يجزم في الوقت عينه بأن «عدد المسيحيين تدنّى فعلاً إلى أقلّ من ربع عدد سكان البلدة».
يؤكد غشام أن ما حصل في الانتخابات الماضية «أساء إلى البلدة التي يشرف على تنميتها قائمقام بنت جبيل، الذي ألّف لجنة من خمسة شبّان للإشراف على الأعمال التنموية فيها». ويبدو أن هذا الإشراف غير كاف ولا يغني عن الحاجة إلى بلدية تدير شؤون القرية. يقول رئيس البلدية السابق كمال الرضا إن «القائمقام لا يعرف بكل ما يجري داخل البلدة ولا يعرف الأولويات الواجب اعتمادها للقيام بالمشاريع التنموية والخدماتية».
وتعليقاً على أعداد الناخبين في القرية يلفت الرضا إلى أنّ «الهجرة أثّرت سلباً على التعايش بين المسلمين والمسيحيين، فقد كان أبناء البلدة يعملون سوياً في الزراعة ويتشاركون في جميع المناسبات. كنا نلعب معاً في البيدر والملعب، لكن الهجرة منعتنا من التواصل مجدداً. الاختلاط غير متوافر اليوم بين المهاجرين والنازحين الذين لا يزورون البلدة إلا في المناسبات أو في فصل الصيف، حتى أن عدداً من المسيحيين الذين هاجروا أو نزحوا لم يعودوا إلى البلدة منذ سنوت طويلة، وأنا أعرف عائلة تركت البلدة منذ 36 عاماً وأقامت في بيروت ولم تزر البلدة منذ ذلك التاريخ».
بدوره، ج. سلّوم يرى أن «ما حصل لا يعبّر عن واقع التعايش في البلدة، كل الأطراف أخطأوا في حساباتهم على الرغم من أنه كان في وسعهم التنازل من دون أن تتغير المعادلة لأن الخلاف كان سطحياً». سلّوم مقتنع بأن عدد الأعضاء الممثّلين من المسيحيين لا يعني له شيئاً و«الإعلام ساهم في تضخيم المشكلة التي أساء إدارتها الطرفان على حدّ سواء».
أما إمام البلدة الشيخ حسين سليمان فيقول «منذ عام 1969 وحتى عام 2001 حرمت يارون من خدمات المجلس البلدي، فكانت بلدة منسيّة ومهملة، لكن في عام 2001 لمسنا أهمية وجود المجلس البلدي الذي لجأ حينها إلى القيام بعدّة مشاريع أساسية للبلدة. لكن في عام 2004 أدخلت الانتخابات البلدية يارون في البازار السياسي وأُلغيت وتعطّل العمل البلدي». ويرى سليمان أن «عدم وجود مجلس بلدي ساهم في إهدار حقوق المواطنين المتضرّرين من حرب تموز من التعويضات، ويساهم في عدم متابعة مشكلة مدرسة البلدة المقفلة ومشكلات تعبيد الطرق وتنظيف الحقول من الألغام والقنابل العنقودية، ومنع حرائق الأحراج والبساتين، كلّ ذلك يحتاج إلى متابعة رسمية من المجلس البلدي».
ويعاني أبناء البلدة صعوبة إنجاز المعاملات، إذ يجب عليهم قصد مكتب قائمقامية بنت جبيل لإنجازها، وخصوصاً رخص البناء، فيقول سليمان «الأمر أصبح أكثر تعقيداً وأكثر كلفة بسبب الرشى».