النبطية ـــ كامل جابرإلى جانب استرجاع فيلم «نكاية بالحرب» للمخرجة الشابة زينة صفير ذاكرةَ الحرب الأهلية اللبنانية أمام شبان النبطية الذين لم يعايشوا تفاصيلها، ولو تسنى لبعضهم أن يشهد أواخر فصولها، سلّط جو النقاش اللاحق للعرض الضوء على «الحروب المستمرة» التي يمارسها العدو الإسرائيلي على أبناء الجنوب، «فيما تظل التهديدات المنذرة بحرب جديدة قائمة تفرض الرعب وتعطّل الآمال» كما يصفها الشاب حسين زهري. الفيلم الذي حضره عشرات الشبان بدعوة من شبكة «مجموعات شبابية» صوّرته زينة في عام 2000 لتسأل عن معنى الحرب، بعد مرور ربع قرن على طي صفحتها، وعشر سنوات على ما سُمي بحرب «الإلغاء». وإذ بلغة الحرب هي التي تحضر في بعض آراء الشبان «الذين كانوا مقاتلين في صفوفها وصاروا مهمشين»، كما لاحظت بعد التصوير. تضيف زينة أمام الشبان الذين سألوا عن أمكنة التصوير، وعن المتاريس التي تبدو كأنها بانتظار حرب جديدة واقعة لا محالة: «كانت خيارات مواقع التصوير في بناية لم تزل موجودة من أيام الحرب، هي البناية الصفراء على السوديكو، ولم تزل فيها المتاريس، وأخذت جدلاً طويلاً كي لا تهدم، وبقيت ذكرى ومتحفاً للحرب».
وتقول: «الشباب المترددون بين خيار الحرب وعدمها، كانوا مقاتلين في صفوف التنظيمات التي شاركت في الحرب الأهلية، فأعدّتهم إلى مكانهم الذي كانوا يعيشون فيه. يريدون عودة الحرب لأنهم الآن مهمشون. هؤلاء الناس هذا مكانهم، هنا كبروا، هنا ترعرعوا، وهنا مارسوا السلطة. جئت بالشباب الصغار إلى البناية لأنها ستكون مكانهم المستقبلي عندما تعود الحرب ومنها سيطلقون النار، إن لم يتعظوا، أو تتعظوا أنتم، وخصوصاً بعدما رأيتم في حوارات الفيلم كيف أن من كان لا يريد الحرب وتحدث عن أمن المجتمع المسيحي، مثلاً، عاد وأدار حرباً أخرى كادت أن تدمر المجتمع، وهو عينه قد يكون شريكاً في حرب مقبلة».
تعلق هدى ناصر أبو زيد، العضو في شبكة «مجموعات شبابية»، الجهة المنظمة للنشاط: «نحن عشنا جزءاً من الحرب التي لم يعشها أولادنا. ما حصل أمامنا في حرب عام 2006 محا لنا كل ذاكرة الحرب اللبنانية، ولم يعلق بأذهاننا غير هذه الحرب الأخيرة. الحرب المدمرة أتت على ذاكرتنا التي كان يمكنها أن تنبهنا من حروبنا الخاصة والداخلية، المميتة أكثر من الحرب الإسرائيلية».