جمعت الصداقة عدة شباب يهوون العمل الصحافي، فأبصرت «صفحات شبابية» النور في منتصف الشهر الماضي، على أن يوزع اليوم عددها الثاني
طرابلس ــ إيلي حنا
مثّلت رغبة الشباب في نقل صوتهم إلى المجتمع الهدف الرئيسي لإنشاء جريدة «صفحات شبابية»، ساعدهم في ذلك أن الشمال معروف بإصدار المجلات والصحف المحلية المستقلة عن بقية المناطق. وبعد صدور عددها الأول، صارت صفحاتها تمثّل مساحة للكتابة الحرة، خارجة عن قيود الصحف المحلية التي تتبع التفاصيل المهنية بدقة، ومنفلتة من قبضات مجالس التحرير. بدايةً، تلقّف مايز أدهمي، رئيس تحرير جريدة «الإنشاء» الطرابلسية، هذه المبادرة «النظرية» وحوّلها إلى عمل فعلي، عبر تحمّل جريدته تكاليف الطباعة والتوزيع. لكن ظهرت «صفحات شبابية» إلى النور بمجلس تحرير مستقلّ ومسؤول عن إصدار جريدة من 16 صفحة، منتصف كل شهر. ما يميّز هذه التجربة أنها أدخلت هؤلاء الشباب إلى «المطبخ الصحافي» للمرة الأولى. أصبحوا مسؤولين عن التنظيم والتنضيد والإخراج، كذلك هناك قناة لمرور المواد قبل نشرها.
تجربة أدخلت الشباب المهتمين إلى المطبخ الصحافي
يتكلم رئيس التحرير في الجريدة، صهيب أيوب، باعتزاز عن هذه التجربة، التي تمخّض عنها عددان حتى اليوم. «بعض الشباب لم يأخذوا الفكرة على محمل الجد حتى رأوا العدد الأول، هناك صدمة إيجابية تجاه عملنا»، يقول أيوب. فتحت «صفحات شبابية» مجال الكتابة لأشخاص لم يجدوا مساحة لهم في صحف أخرى. تصفها مستشارة التحرير، مطيعة الحلاق، بأنها «المتنفس» لهم، إذ تسمح بنشر مواد استثنائية، خارج الإطار الصحافي التقليدي، كالتجارب الشخصية، أو موقف معيّن، قصة قصيرة أو قصيدة. في رأي الحلاق، «ليس من الضرورة الإضاءة دائماً على المشاكل». يُطبع حوالى 4000 نسخة من «صفحات شبابية»، يوزّع 1200 منها مع جريدة «الإنشاء» على مشتركيها والمكتبات، أما الأعداد الباقية، فيوزّعها الشباب على جامعات الشمال وثانوياته. ووفّر هذا التوزيع انتشاراً سريعاً للجريدة، ما جعل شباب مناطق شمالية عدة يرغبون في الكتابة، وتجاوب بعض مديري الثانويات مع هذه التجربة، محاولين خلق صلة بين تلامذتهم المميزين وفريق العمل. مصطفى العويك، هو أحد الذين وجدوا «حماسة غير عادية لدى الشباب»، فشارك في عضوية مجلس التحرير بعد مراكمة خبرة في التعاون مع صحف طرابلسية وبيروتية. يشعر العويك بمسؤولية «تجاه الناس والصحيفة، بعد الكلام الطيّب الذي سمعه عن عمل الفريق». ويهتمّ هذا الفريق (الذي يجتمع دورياً) بتغطية نشاطات المجتمع المدني والأنشطة الثقافية، نتيجة إيمان الشباب العاملين في «صفحات شبابية» بشبه غياب تلك الأنشطة عن الصحف المحلية الأخرى.
يؤكد فريق العمل أنه لا طابع سياسياً لنشرتهم التي «لن تقترب من السياسة اللبنانية من قريب أو من بعيد». أكثر من ذلك، لا يرفض مجلس التحرير أي مادة مرسلة، «بل يسعون مع الكاتب إلى تطوير فكرته وصياغته، وتؤجل إلى عدد آخر»، إضافة إلى أنهم يطلبون من المشاركين متابعة مواضيعهم وكيفية تحريرها ونشرها، «للتعلم، وتكوين خبرة في هذا المجال». وتحوي «صفحات شبابية» زهاء عشرين مادة في العدد، «مع اعتماد تقنية وضع صور للفت الانتباه والحثّ على قراءة الموضوع»، حيث يشير أيوب إلى أن الفكرة الصغيرة والمكثّفة مع صورة معبّرة عنصران بارزان وأساسيان في الجريدة». هذه الفكرة تعطي فرصاً لمشاركين كثر لنشر موادهم، لكنها لا ترضي تماماً مستشارة التحرير التي ترى أنّ «من الطبيعي وجود موضوع كبير الحجم من دون الحاجة إلى صورة، نظراً إلى أهميته ونوعيّته الأدبية».