محمد نزالليس جديداً أن عمليات السلب تحصل باستمرار في مناطق مختلفة، إذ لا يكاد يمر يوم إلا تُسجّل فيه لدى القوى الأمنية حصول مثل هذه العمليات. لكن أن يتعرض رجل للسلب من رجل آخر، ويعمد السالب إلى الاعتداء على المسلوب جنسياً، فهذه واقعة غير مألوفة.
قبل بزوغ الفجر بقليل، خرج وسام (اسم مستعار) من أحد الملاهي الليلية في منطقة الجميزة، ودخل إلى موقف للسيارات بهدف «قضاء حاجته». وفجأة، انقضّ عليه سمير (اسم مستعار)، حاملاً بيده سكيناً، وطلب منه الانحناء أمامه على ركبتيه، وأن يمارس معه «الجنس الفموي»، تحت وطأة تهديده بالقتل، بعدما وضع السكين على عنقه.
وكيل المتّهم: غياب المدّعي عن المحاكمة يثير الشك في أقواله
انصاع وسام للطلب، وفعل ما طُلب منه «مكرهاً». لم ينته الأمر هنا، عاد سمير وطلب منه تكرار الفعل، فانصاع مجدداً خوفاً من السكين الذي يلامس عنقه. وبعد ذلك، سأل حامل السكين وسام عمّا إذا كان يحمل مالاً، فأعلمه الأخير أن بحوزته مبلغاً ضئيلاً، لكنه موجود في صندوق دراجته النارية، إضافة إلى هاتفه الخلوي. توجّها إلى مكان الدراجة، فأخذ سمير المال، قبل أن يطلب من وسام إيصاله على متن الدراجة إلى منطقة الأشرفية. وفي الطريق إلى هناك، طلب منه تغيير خط سيره والتوجه إلى منطقة كورنيش المزرعة، مهدداً إياه من خلال السكين الذي كان يضعه على خاصرته. وعند وصولهما إلى الشارع الذي تقع فيه ثكنة الحلو، شاهد وسام أفراداً من قوى الأمن، فرمى الدراجة على الأرض لإعطاء إشارة للقوى الأمنية، بغية مساعدته على الخروج من مأزقه. وبالفعل، أوقفت القوى الأمنية سمير، وضبطت بحوزته السكين، وبدأت التحقيق معه.
نفى سمير التهمة التي وجّهها إليه وسام، فأفاد في أثناء التحقيق أنه بينما كان جالساً قرب أحد الفنادق، حضر وسام ووضع يده على عضوه التناسلي، وطلب منه ممارسة الجنس معه. انفعل من غرابة الطلب، فرفسه برجله، ما دفعه إلى البكاء. وأضاف سمير في إفادته أنه نصح وسام بعدم القيام بمثل هذه الأمور، قبل أن يطلب منه إيصاله إلى إحدى محطات الوقود لشراء التبغ. وأشار في إفادته إلى أن وسام أعطاه الأغراض التي كانت معه، ومن ضمنها الهاتف الخلوي، لكي لا يضربه، وأنه كان سيعيد الأغراض إليه.
كلّفت النيابة العامة طبيباً شرعياً لمعاينة وسام، فلم يتبيّن حصول اغتصاب جنسي، لكن تبيّن وجود آثار سائل منوي على قميصه. وفي المحاكمة العلنية، لم يحضر وسام لمتابعة قضيته، أما سمير فأفاد بأنه كان في حالة السكر يوم الحادثة، مجدداً نفيه إكراه المدعي على «القيام بأعمال منافية للحشمة». ثم ترافع وكيل المشتبه فيه أمام المحكمة، فرأى أن عدم حضور المدّعي جلسات المحاكمة «من شأنه أن يثير الشك والريبة على أقواله»، مضيفاً أنه لم يتبيّن أي دليل يثبت ارتكاب فعل شائن، طالباً عدم التجريم.
لم تتوقف محكمة جنايات بيروت، برئاسة القاضية هيلانة إسكندر، وعضوية المستشارين وليد القاضي وهاني الحجّار، عند إنكار سمير التهمة الموجهة إليه، وذلك «على ضوء المعطيات والأدلة التي توافرت في الملف». وبناءً عليه، صدر الحكم بتجريم سمير بالجناية المنصوص عليها في المادة 507 من قانون العقوبات، وبإنزال عقوبة الأشغال الشاقة بحقه مدّة 3 سنوات.