مهى زراقطتقدّم أمس عدد من أعضاء المجلس البلدي في الهبارية بشكوى إلى وزارة الداخلية والبلديات، اعتراضاً على اتخاذ رئيس بلديتهم (المنحلة) علي عيسى قراراً منفرداً يمنح بموجبه رئيس الإدارة المدنية التي أنشأها العدو الإسرائيلي في الهبارية إبّان فترة الاحتلال، والموظف السابق في البلدية، ديب عيسى، تعويضاً عن سنوات الخدمة التي قضاها، إضافة إلى قرار ثان يوافق فيه على طلب إحالة ديب عيسى إلى التقاعد، مع ما يقتضيه ذلك من دفع لرواتبه بين عامي 2000 و2007.
قرارا رئيس البلدية هما اللذان حرّكا أعضاء المجلس البلدي، الذين تجاوزوا الكثير من المشاكل سابقاً حفاظاً على «المصلحة العامة»، كما يقول الرئيس السابق للبلدية شوقي يوسف. فهم حافظوا على مجلسهم قبل خمس سنوات، بعد استقالة 5 من أعضائه دفعة واحدة، وتجاوزوا بنجاح «قطوع» طرح الثقة بالرئيس بعد 3 سنوات من ولاية المجلس، فاستقال يوسف، وانتخب علي عيسى مكانه بناءً على اتفاق مسبق.
مع انتخاب علي عيسى رئيساً، بدأت المشاكل بالبروز، وتفاقمت، وصولاً إلى استقالة العضوين عثمان شقير وحسين عطوي قبل نحو 5 أشهر، ما جعل المجلس بحكم المنحلّ، لكنّ وزارة الداخلية أصدرت قراراً كلّفت بموجبه رئيس البلدية بتسيير الأعمال. سأل الأعضاء غير المستقيلين القائمقام عن وضعهم القانوني، فأجابهم «تمارسون مهماتكم إلى حين تبلّغكم قرار الحلّ مني»، كما ينقل عنه عضو المجلس البلدي علي أبو قيس، مضيفاً: «بناءً عليه، لنا الحق في الاطلاع على عمل المجلس ومتابعته ومراقبته، لكنّ رئيس البلدية لم يتح لنا الاطّلاع على المقرّرات إلى أن عرفنا من بعض الأشخاص أنه أصدر قراراً بصرف تعويض لديب عيسى».
وفي التفاصيل التي يرويها أبو قيس ويؤكدها شوقي يوسف وحسين عطوي، فإن ديب عيسى قدّم في 8 شباط طلباً لصرف تعويضاته سجّل تحت الرقم 55، وفي اليوم نفسه وافق رئيس البلدية على قرار صرفها سجّل في البلدية تحت الرقم 56. وفي 12 شباط، تقدّم ديب عيسى بطلب إحالته على التقاعد (القرار الرقم 58)، وأصدر رئيس البلدية في اليوم نفسه أيضاً قراراً إدارياً حمل الرقم 1، بإحالته على التقاعد، مع ما يقتضيه ذلك من دفع راتب للرجل من فترة توقيفه حتى بلوغه السن القانونية.
هي الفضيحة التي باتت تتكرّر، في ظلّ وجود غطاء قانوني لها، ودفعت الأعضاء إلى رفع أمرهم إلى الوزارة. كيف تمنح قرية اشتهرت بأبنائها المقاومين تعويضاً لعميل إسرائيلي نبذه الأهالي حتى اضطر إلى الإقامة خارجها؟ وكيف، أو لماذا، يطالب اليوم بتعويض عن 33 سنة خدمة (بما فيها تلك التي خدم فيها الاحتلال بعدما حوّل مبنى البلدية إلى مركز للإدارة المدنية)، وبراتب تقاعدي عن السنوات التي لم يتقاض فيها راتبه بعد التحرير، في ظلّ وجود رئيس «يسيّر أعمال مجلس منحلّ؟».
الإجابة يقدّمها علي عيسى، إذ يقول لـ«الأخبار» إن القانون لا يحرم ديب عيسى حقه، وخصوصاً أنه أمضى فترة حكمه كاملة، «وأنا معي مرسوم من وزارة الداخلية يطلب مني فيه منح الموظف السابق في البلدية، الذي خدم 33 عاماً، تعويضه القانوني». يضيف أن ديب عيسى «يحمل حكماً بالبراءة، وقد رفع كتاباً إلى وزير الداخلية يخبره فيه بوضعه». بل إن عيسى يتساءل عن السبب الذي أخّر دفع التعويض إلى اليوم! من جهة ثانية، يؤكد رئيس البلدية أنه لم يوافق بعد على قرار منح عيسى الرواتب التي يطلبها، فهو «لم يداوم فلماذا ندفع له؟».
علي أبو قيس يوضح أن ما يسميه علي عيسى حكماً بالبراءة، هو التسوية التي خرج بها العملاء للحصول على سجل عدلي نظيف، أو «تبييض السجل العدلي»، حسب تعبيره. وفيما يعترف بالغطاء القانوني لقرار التعويض لأن حكم المحكمة العسكرية لم يحرم عيسى حقوقه المدنية، إلا أنه لا يحق له تقاضي الرواتب التي يطالب بها، والقانون واضح في هذا الإطار، لأنه ينصّ على حرمان السجين من راتبه خلال فترة سجنه أولاً، كما أن الحكم الصادر بحق عيسى يتضمن نصّاً يشير إلى أنه لا يحق له العودة إلى وظيفته.