أمس، كان صعباً الوصول إلى أسماء الضحايا الذين تمّ التعرّف إليهم بفحص الحمض النووي. فقد ظهر إشكال بين الأدلّة الجنائيّة وإدارة مستشفى بيروت الحكومي لجهة اختلاط الأسماء، ما دفع بلجنة الأهالي إلى زيارة وزير الصحة

راجانا حمية-محمد محسن
أوردت الوكالة الوطنية للإعلام أسماء 7 ضحايا، تبيّن أن نتائج 3 منها فقط هي الصحيحة، ما أدى إلى تبادل اتهامات بين مستشفى بيروت الحكومي والأدلة الجنائية، كجهتين مخوّلتين تأكيد الهوية الجينية للضحايا. ففيما أكد مصدر في المختبرات الجنائيّة أنه «حتى بعض هذه الأسماء التي أوردها التقرير الصحافي لم نصدر نتائج فحوصها»، لافتاً إلى أنهم يتبعون «آلية تسليم النتائج إلى وزير الصحة، وهو يسلّمها إلى المستشفى الذي يبلّغ الأهالي». وقد لفتت إدارة المستشفى، رداً على سؤال، إلى أن الأدلّة الجنائيّة «هم من يسرّبون إلى الإعلام». وبين حانا ومانا، ضاع الأهالي. فبحسب مصدر مطّلع في المختبرات الجنائية، هناك «4 أسماء تناقلها الإعلام أمس لم تصدر نتائج فحوصها بعد في المختبرات الجنائية، وهم: روان وزنة، حسين بركات، حسين فرحات وحسن إبراهيم، فيما الأسماء الثلاثة الأخرى صحيحة، وهي: أنطوان الحايك، إلياس رفيع وباسم خزعل».
أما إدارة المستشفى فلم تؤكد أياً من هذه الأسماء، مشددة على أن «التعليمات تمنعنا من التصريح، ونترك الخيار للأهالي». أما ما يمكن تأكيده، فهو أن عائلتي الضحيتين عفيف كرشت وعماد حاذر تسلّمتا جثتيهما صباح أمس.
وبعيداً من الأسماء، لفت مصدر في المختبرات الجنائية إلى أنه «أرسلت أمس نتائج فحوص 8 لبنانيين وإثيوبيَّيْن». وأشار إلى أن «الأسماء التي نرسلها إلى الوزارة والمستشفى لا يصدرونها دفعة واحدة، بانتظار مطابقة نتائج فحوصهم مع نتائجنا». وهنا يشير إلى «إعلان المستشفى أحياناً أسماء تأكدوا من نتائجها، فيما لم تصدر نتائجها عن الأدلة الجنائية، ما يؤثر على الأهالي تحديداً، إذ لا تستطيع النيابة العامة تسليمهم الجثث إلا بعد الحصول على ورقة تسلّم من مكتبنا».
وعن أعداد العيّنات التي تعمل الأدلة الجنائية على التأكد من هويتها، أكد المصدر أنها «لا تقل عن 400 عيّنة والحبل ع الجرار، وقد سلّمنا بعض نتائج هذه العينات». وأشار إلى أن الحصيلة المؤكدة حتى الآن «هي 33 لبنانياً و23 إثيوبياً، لكنها لم تسلّم جميعها».
مأزق الأسماء والحديث عن استكمال أو إيقاف عمليات البحث استدعى تحرك أهالي الضحايا الذين توجّه وفد منهم أمس إلى منزل وزير الصحة محمد جواد خليفة، حيث اجتمعوا إليه بعيداً عن عيون الصحافة لأكثر من ساعة. مدة الاجتماع الطويلة، تشير في الحد الأدنى إلى أن كثيراً من الأمور نوقشت في الداخل. بعد خروجهم، تحدّث الأهالي بلهجة هادئة، خلافاً لبداية تحركهم.
هكذا، تم الاتفاق حسب الأهالي، على عناوين مشتركة، وعد الوزير بمتابعتها شخصياً. أهمها كان ضرورة الإجابة عن تساؤلاتهم بشأن عمليات البحث وعدم إنزال غطاسي الدفاع المدني إلى ميدان العمليات. تالياً، وعد الوزير بتأمين إجابات عن هذه الأسئلة من الطاقم الوزاري المعني بعمليات البحث، وإن لم يستطع، فسيتم تحديد موعد قريب، بين وفد الأهالي والوزراء المعنيين في موضوع الطائرة. ولدى خروجهم، استحصلت «الأخبار» على نسخة من بيان الأهالي الذي تضمن مطالب عديدة، كعدم إقفال ملف الطائرة قبل اكتمال التحقيق، وإحالة القضية إلى المجلس العدلي أو لجنة التحقيق الدولية، وتعيين ممثلين عنهم في اللجنة القانونية ولجنة التحقيق في حادثة الطائرة. كذلك، ومن داخل الاجتماع، نقلت مصادر الأهالي لـ«الأخبار» أسئلة حملت نقداً لوزيري الدفاع والداخلية. فالأول أصدر قراراً بحصر عمليات الغوص بمغاوير البحر في الجيش، أما وزير الداخلية، بحسب المصادر، فيبدو بعيداً عن الأزمة، علماً بأن الأجهزة المدنية تحت إمرته.
في شق عمليات البحث، لفت مدير التوجيه في الجيش اللبناني إلى أن «فوج مغاوير البحر سيجري اليوم آخر مسح لمنطقة ممتدة على مساحة 350 متراً طولاً و150 متراً عرضاً، على أن تبدأ سفينة أوديسي إكسبلورر التي وصلت أول من أمس مسحها التصويري للمنطقة، ومن الممكن أن توسع دائرة المسح». ولم تثمر عمليات البحث المكثفة أمس عن «أي جديد بالنسبة إلى قطعة الصندوق الثاني، فيما بات انتشال الأجزاء البشرية مقتصراً على أجزاء صغيرة جداً».
على صعيدٍ آخر، عقدت اللجنة القانونية الخاصة بمتابعة كارثة الطائرة أمس أول اجتماعاتها، فألّفت فريق عمل، بالاتفاق مع وزارتي الخارجية والداخلية، للاهتمام بالمواضيع القانونية التي طرحتها الكارثة. وكان لافتاً تساؤل وزير العدل إبراهيم نجار في موضوع الوفاة «إذا كان لبنان مضطرّاً للتشريع في هذا الموضوع أو يمكنه الاكتفاء بما لديه من قوانين ومبادئ شرعية مقررة باعتبار أنه عندما يحدث الفقدان في حادث يغلب فيه الهلاك ترجّح الوفاة ويعتبر المفقود ميتاً». هذا ما شرحه المدير العام للوزارة عمر الناطور بقوله «كيف بدنا نعتبر الضحية في الطائرة متوفي أم لا، غائب أم لا، وفي ما يتعلق بالأشخاص الذين لم تنتشل جثثهم كيف يتم التعاطي معهم من الناحية القانونية؟».

عندما يحدث الفقدان في حادث يغلب فيه الهلاك ترجّح الوفاة
وفي هذا الشق، علمت «الأخبار» (منهال الأمين) أن اللقاء الإعلامي الذي دعا إليه اللقاء العلمائي المستقل برئاسة الشيخ أحمد طالب اليوم سيتناول إشكالية مصير الضحايا، بعد ازدياد الحديث عن تشظّي الأجساد. وقال الشيخ طالب للأخبار إن اللقاء العلمائي تصدى لهذا الموضوع، وهو شارك في المؤتمر الصحافي لأهالي الضحايا أمام مستشفى بيروت السبت الماضي، ممثلاً بالشيخ حسين الحركة، بعد عزوف جهات أخرى معنية عن اتخاذ موقف مماثل «مراعاة لمشاعر الناس».
وأكد طالب أن موقف اللقاء العلمائي برئاسته يعبّر عن رأي اللقاء فقط، لا عن رأي المجلس، كونه أحد المفتين الجعفريين، ويتبع للمجلس رسمياً. وقال طالب إن العلماء سيعلنون موقفًا ـــــ لا فتوى أو حكماً شرعياً ـــــ ضد وقف أعمال البحث من جانب السلطات الرسمية، وسيحثّون الحكومة على استنقاذ ما بقي من أشلاء حتى النهاية. ولكن، كيف الوصول إلى هذه النهاية برأي طالب؟ يجيب: يجب أن يصدر هذا القرار مدعماً بالأدلة والوثائق والآراء العلمية لأهل الاختصاص والمعرفة بأعمال الإنقاذ والبحث في أعماق المياه، وذلك بعد استنفاد كل الطاقات والجهود. هنا، يضيف طالب، يأتي دور الحكم الشرعي الذي سنبيّنه للناس في لقاء اليوم، عن اعتبار البحر في الشريعة مدفناً للإنسان في مثل هذه الحالات، لكي يخرجوا من حالة المرارة التي يمرّون بها حالياً، نتيجة عدم تمكنهم من دفن أحبّائهم. ووجّه عتباً إلى الدولة لأنها لم تبادر منذ البداية «إلى إنشاء لجنة لمواكبة الحدث، يكون بين أعضائها علماء دين من مختلف الطوائف لكي يعطوا الرأي الفصل في هذا الأمر، وهو ما كان أعطى صدقيّة أكثر للعمل بعدما صار موقف الناس يميل إلى الشك والريبة نتيجة المماطلة سواء عن عمد أو عن غير عمد».


فريق عمل اللجنة القانونية

يضمّ فريق عمل اللجنة القانونية اختصاصيين في النقل الجوي والتأمينات وقضاة ينظرون في مواضيع الأحوال الشخصية والجزائية والمدنية والتجارية. ويتألف من رئيس هيئة التشريع والاستشارات بالوكالة القاضي أنطوان بريدي وممثل لبنان لدى منظمة الطيران المدني الدولي القاضي سليمان عيد والقاضية هيلانة إسكندر التي تنظر في القضايا الجزائية الناجمة عن حوادث الطيران والقاضي ريمون فرحات ورئيس المحكمة الابتدائية الناظرة في الأحوال الشخصية في بيروت القاضي حبيب رزق الله ورئيس الغرفة الاستئنافية التجارية جورج حرب ونقيب الطيارين السابق الكابتن عبد المنعم حطيط. ويساند الفريق القانوني نقيبة المحامين في بيروت أمل حداد (الصورة) والنيابة العامة التمييزية ممثّلة بالنائب العام التمييزي سعيد ميرزا. وسوف تبحث في 3 أمور: الأول يتعلق بالتحقيق المنوط بالنيابة العامة التمييزية التي تواكب سير التحقيق في سقوط الطائرة، والثاني يتصل بموضوع المسؤولية وما ينجم عنها. والثالث بموضوع الوفاة.