تونس ــ سفيان الشورابي«في أحد أيام شهر أيار (مايو) 2007 خرجت من منزلي غير متأكد من العودة إلى أهلي. منذ ذاك اليوم أدركت أن تونس لم تعد بلد حرية». هذه الجملة التي كتبها محمد بوصيري بوعبدلي في مؤلفه الصادر في باريس باللغة الفرنسية، كلفته إغلاق الجامعة التي تملكها مجموعته التجارية. فقد أقدمت السلطات التونسية على إغلاق «الجامعة الحرة بتونس» (أقدم جامعة خاصة، أنشئت عام 1973، ويبلغ عدد طلبتها 1465 طالباً، نصفهم من الأجانب)، بسبب ما وصفته بـ«إخلالات إدارية» قامت بها الجامعة على أثر زيارة تفتيش قامت بها لجنة مختصة تابعة لوزارة التربية والتكوين. وصف بوعبدلي القرار بأنه «سياسي وتعسفي» ويأتي جراء إصداره الكتاب الذي يعتبر فيه أن حصيلة الرئيس زين العابدين بن علي على رأس الحكم في تونس بعد مرور 20 سنة تعد «هزيلة في مجال احترام قيم الديموقراطية».
واستندت الوزارة التونسية في قرارها إلى خمسة مبررات، أولها أن الجامعة نشرت في الصحف سنة 2002 إعلاناً عن الترسيم في شعبة «الخبير المحاسب» لحساب معهد «أنتاك ــــ كنام» الفرنسي دون الحصول على ترخيص منه. إلا أن بوعبدلي أفاد بأن جامعته كانت قد راسلت الوزارة وتلقت رداً كتابياً منها أكدت فيه أن نشر مثل ذلك الإعلان لا يحتاج إلى ترخيص. أما المبرّر الثاني، فيتعلق بتغيب رئيس الجامعة عن مكتبه أثناء وجود بعثة التفقد، علماً بأنه كان قد أجرى مع البعثة ثلاثة اجتماعات موثقة بمحاضر. أما بالنسبة إلى السبب الثالث وهو أن الجامعة توظف أساتذة من مؤسسات تعليم رسمية دون الحصول على ترخيص من الوزارة، فقد أكد مدرّسو الجامعة أنهم تقدموا بالطلبات غير أن بيروقراطية الوزارة أخّرت عملية تسليمها. ويبقى التعليل الرابع أن الجامعة الحرة تدرس الشعب الهندسية دون إجراء مناظرة مثلما هي الحال في المؤسسات العمومية، إلا أن بوعبدلي أكد أن الوزارة سلمت خلال السنوات الماضية شهادات المعادلة لطلاب الهندسة المتخرجين من جامعته دون مشاكل تذكر. التبرير الأخير للإغلاق يتعلق بتدريس مادة «التصرف ــــ اختصاص المالية» دون ترخيص، إلا أن الوزارة تناست أنها ضمنت هذه المادة في دليل التوجيه الجامعي.