الشوف ــ عامر ملاعب«يُجلسني الصاروخ على حافة سطح القمر، حيث أُلوّح بساقي في الفضاء» يقول رامي 20 عاماً (اسم مستعار)، ويضيف «لا يمكنني أن أصف لكم النشوة التي أشعر بها بعد تدخينه». يتكلّم رامي عن حشيشة الكيف، التي يرى أنّها عشبة مباركة تمنح السرور، ويتمنّى على الدولة أن تعطي الحق للشباب في تدخينها. ينفي الشاب أن يكون قد تعرّض لمساءلة من أحد، ويلفت إلى أنه يمضي الليل في سيارة أحد الرفاق، أو في الساحة العامة للقرية. يُقسم رامي إنه لم يدفع مرةً ثمن السيكارة، إذ «يوفّرها له الرفاق»، وينفي الشاب علمه بمكان إحضارها. يتوقف عن الكلام ليتدخّل زميله قائلاً: «رغم أنّني أرفض التعاطي رفضاً تامّاً، فإنّني أعرف أنواع المخدرات والكميات المسموح بها حتى لا يموت المتعاطي»، ويضيف، «تعلّمت خلال متابعتي للنشرات المتخصصة، ومن خلال بعض الأصدقاء». كما يلفت الشاب إلى أن «حشيشة الكيف» هي الأوسع انتشاراً.
انتشار المخدرات في الجبل ليس كلاماً في الهواء، بل ظاهرة متفشية، تكفي جولة في هذه القرى لتظهر الشبان في الساحات العامة ومحالّ البلياردو والإنترنت والألعاب الإلكترونية، وداخل سياراتهم يتعاطونها. ورغم أن هذه الظاهرة غريبة عن قرى محافظة، بسبب الدور الفاعل لرجال الدين فيها، فإنّها تتعرض على ما يبدو لغزو مركزّ من جانب التجّار والمروّجين.

رغم بدء الحملة الأمنية لا يزال التعاطي منتشراً على الطرقات
لقد تابع عدد كبير من القوى السياسية والاجتماعية تفشي هذه الظاهرة، ففي لقاء جمع الحزبين القومي والاشتراكي في قضاء عاليه، لفت البيان الذي صدر عنهما إلى «خطورة تفشي آفة المخدرات في قرى الجبل»، وطرح تساؤلات عن كيفية العمل لمواجهتها بحزم. وقد رأى وكيل داخلية «الحزب الاشتراكي» في منطقة عاليه الأولى عماد ضو أن «تفشّي المخدرات بين الشباب يتطلّب الاهتمام والتشدّد الكبيرين»، مشيراً إلى أنه اتُّفق على وضع آلية عمل لمكافحة الظاهرة التي كانت غريبة على مجتمعنا، وأكّد ضو ضرورة تشدّد الأجهزة الأمنية والتحرّك سريعاً.
من جهته، أكد منفّذ عام الغرب في الحزب السوري القومي الاجتماعي، حسام العسراوي أن «آفة المخدّرات التي تصيب قرى الجبل، تطاول كل الناس دون استثناء»، وشدّد على ضرورة التأهب لمواجهتها عبر التوعية.
أحد المراجع الروحيّين في طائفة الموحّدين الدروز، أكد لـ«الأخبار» أن «الموضوع خطر جداً، والظاهرة تتفشى تفشّياً سريعاً بين الأجيال الصاعدة»، ولفت إلى أن المراجع الروحية تعمل على التحذير منها في كل الأوساط. كما لفت المرجع إلى التراخي القائم من جانب الأهل والمدارس والجامعات، وخصوصاً في أماكن اللهو والسهر. ويضيف «نشدّد شرعاً على حرمة، ليس التعاطي فقط، بل حرمة التعاطي والمتاجرة وسوق هذه المواد»، وذهب المرجع إلى أبعد من ذلك بتحريمه «التكتّم على كل المعلومات التي تفيد في خدمة مواجهة الظاهرة، وبخطيئة من لا يبلغ عنها المراجع المختصة».
يشار إلى أنه تردّد في الأيام الأخيرة أن القوى الأمنية أوقفت عدداً من المشتبه فيهم بترويج المخدرات وتعاطيها في قضاءي عاليه والشوف، لكن المتابع لملف المعالجة يرى أنها لا تزال قاصرة، فرغم بدء الحملة الأمنية منذ أسبوعين، لا يزال الشبان يتعاطون على الطرقات.