عامر ملاعبببرودة أعصاب، يلتقط والدا سارة (3 سنوات) صورة ابنتهما على الثلج. لا يأبه الوالدان للخطر المحدق بالصغيرة بمحاذاة الطريق الدولية في ضهر البيدر. فالمنطقة باتت مقصداً لعشرات العائلات الفقيرة العاجزة عن ارتياد منتجعات التزلج الأخرى.
بعض الثلوج صمدت في وجه الرياح الدافئة نسبياً، مستحضرة أجواء الفرح للكثيرين. ومن عين الرمانة مثلاً، قصد سمير شرف وعائلته ضهر البيدر «حتى يلعب الولاد بالتلج، هون بيضل أرخص». يقول: «في الصيف نفتقد متعة السباحة مجاناً، وفي الشتاء تبقى أماكن التزلج للأغنياء فقط». ويسأل: «إذا كانت الزيارة تكلّف ما لا يقل عن 50 ألف ليرة للشخص الواحد، فكيف يمكن رب عائلة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد القيام بها؟». ويردف: «البلد أصبح للأغنياء ونحن متفرجون في متنزهاته الصيفية والشتوية». يتدخل شاب كان يقف إلى جانب شرف فيقول: «نأتي إلى هنا رغم الخدمات القليلة، لا سيما غياب المراحيض ولكن المكان يبقى فشة خلق للناس المعترين».
يقف أحدهم حافي القدمين على الثلج كعلاج لالتهاب الأعصاب
الجميع منهمك. هنا معركة ثلج تدور رحاها بين مجموعة من الشبان والشابات، وهناك وجد الأطفال فسحة للعب وبناء رجل ثلج صغير.
أما الأهالي فيفترشون الزوايا على الثلج، يدخنون النارجيلة، بينما انهمكت القوى الأمنية بتسهيل عبور طوابير السيارات وسط التأفف من الازدحام الشديد.
هكذا، يقصد المواطنون المرتفعات الجبلية في أعالي ضهر البيدر وفالوغا، حيث تجمعت كميات أكبر من الثلوج، وتحديداً في مناطق بعيدة عن الرياح بسبب الجبال المحيطة، وفي الزوايا التي يسمونها «مناسف الثلج» حيث تتراكم كمية منها يمكنها الصمود أياماً عدة، بينما تكون المناطق المسطحة قد فقدت الثلج.
ويسارع العديد من الأهالي إلى وضع الثلج على مقدمة سياراتهم قبل التوجه نحو المناطق الساحلية، منهم من يصنع شكل إنسان أو أي نوع من الحيوانات، أو يعمدون إلى مراكمة الثلج على سطح السيارة. لكن المشهد الغريب هو رؤية أحدهم يرفع ساقي بنطاله ويقف حافي القدمين على الثلج، ويبرر ذلك بأنها «وصفة طبيب عربي من أجل علاج التهاب في أعصاب الساقين والآلام في الركبتين».
يبقى المكان متنفساً للفقراء للتمتع بالثلوج عن قرب، إلا أن ذلك يسبب أزمة سير خانقة، وتشهد الطريق المؤدية إلى نبع الصحة من مفترق ضهر البيدر ازدحام سير خانقاً بسبب مرور الشاحنات من هناك. وفي غياب أي تجهيزات لازمة للسلامة العامة على طريق تمثّل شرياناً حيوياً بين الساحل والبقاع وبين لبنان وسوريا. وكل ذلك يجري وسط انعدام الخدمات في منطقة جردية تماماً تفتقر إلى أي نشاط بشري أو سكاني.