قاسم س. قاسمقرر عشرات الشبان الانطلاق باتجاه السفارة المصرية في الجناح من أمام جبانة مجزرة صبرا وشاتيلا. هناك جهّزوا أعلامهم الفلسطينية ولافتاتهم المنددة بجدار مصر الفولاذي. اختار المشاركون المرور في شارع مخيم شاتيلا الرئيسي، مروراً بسوق صبرا، بهدف «جذب عدد من اللاجئين في المخيم القريب للانضمام إليهم في المسيرة»، كما قال وليد جمعة، أحد منظمي الاعتصام، وأضاف: «نحتاج إلى عدد من الشباب لرسم رقم القرار الدولي 194 بأجساد بشرية في ذكرى النكبة». ثم يكمل المتظاهرون سيرهم على وقع هتاف «حسني مبارك زيّ شارون، نفس الشكل ونفس اللون». يصل الشبان إلى الطريق الجديدة، التي كانت معقل الثورة الفلسطينية سابقاً. يقف بعض أبناء المنطقة على شرفاتهم ليشاهدوا ما كانت قد اعتادته أعينهم من مسيرات للفلسطينيين في المكان. رفع بعضهم شارات النصر عالياً، ليلحّن السائقون بأبواق سياراتهم شعار «يا للعار يا للعار مصري بيبني بالجدار». هكذا، وصل المعتصمون إلى السفارة المصرية. هناك، كما جرت العادة، كانت القوى الأمنية بأعدادها الكبيرة في انتظارهم. يجتاز المتظاهرون طريق الأوتوستراد، لكنهم يقفون هذه المرة بعيداً من الحاجز الذي وضعته عناصر القوى الأمنية، كي لا يتكرر ما حدث معهم سابقاً من صدامات. أمام السفارة المصرية كان المتظاهرون أكثر هدوءاً، فكانت عيونهم على القوى الأمنية المتأهبة وعلى ركاب السيارات الذين أبدوا تذمرهم من الزحمة التي سببوها. يطلب المعتصمون من القوى الأمنية أن تقطع السير أمام السفارة، فيرد عليهم الضابط المسؤول بطلب السماح للسيارات بالمرور. هكذا، غدا بعض المعتصمين شرطيي مرور، فعملوا على تنظيم السّير أمام السفارة. يقف نيكول، الذي رفض الكشف عن اسمه كاملاً خوفاً من إغضاب سفارته الفرنسية، على الرصيف المحاذي للسفارة المصرية. نيكول هنا اليوم ليحاول أن يغير «وجهة نظر بعض المتخاذلين العرب، وإيقاظهم على ما يجري في قطاع غزة». يصف نيكول الوضع في القطاع المحاصر بكلمة عربية، لكن بلكنة فرنسية: «هرام»، يقول. يقطع رجال الأمن الطريق أمام السفارة، فالشارع أصبح خالياً أمامهم الآن، لذا قرروا أن ينهوا تظاهرتهم بعدما نفذت القوى الأمنية مطلبهم ليعودوا إلى مخيم شاتيلا مجدداً.