قاسم س. قاسم«خليهم يلغوا الدفن، مش رح نستلم الجثة اليوم، راحت للسبت»، يقول أحد أقارب الضحية، عفيف كرشت، لمحدّثه عبر الهاتف. حضر أهل الضحية إلى مستشفى بيروت الحكومي، أمس، منذ الثامنة صباحاً، لتسلّم الجثة عند العاشرة، كما أبلغتهم إدارة المستشفى، لدفنها عند الرابعة عصراً، كما خطط الأهل. لكنّ التأخير في إصدار نتائج فحص الحمض النووي لدى مستشفى بيروت الحكومي أخّر عملية مطابقتها مع نتائج الفحص الذي قامت به الأدلة الجنائية والتي أثبتت أن الجثة تعود لكرشت. انتظر أقارب الضحية عند باب المستشفى، يصل الخبر إلى أحد أقاربه بأنه أُجّل «تسليم الجثة اليوم (أمس)». يعمّ الغضب نفوس الأهالي، «اتصلوا فينا، أخبرونا أننا سنتسلّم الجثة، والآن يقولون إنه سيؤجّل تسلّم الجثة حتى نهار السبت». يضيف: «ينتظرنا أبناء القرية للوصول مع الجثة لدفنها، سنضطر إلى إلغاء كل شي».
العيّنات لدينا هي أشلاء وقطع صغيرة لأربع وعشرين ضحية
لحظات، ويدخل موكب من السيارات إلى المستشفى. الصور المعلّقة على زجاج سيارة دفن الموتى السوداء تشير إلى الضحية طارق بركات. تقف السيارات المزيّنة بزينة العرس أمام باب المشرحة. يُحمل التابوت الخشبي بصمت. يخرج عناصر الهيئة الصحية الإسلامية، يضعون التابوت في السيارة. يرحل الأهل مع نعش بركات الذي سيزور حارة صخر وبيته للمرة الأخيرة. والدة الضحية هيفاء وزنة كانت واقفة تراقب عملية تسليم الجثة. تعرف السيدة، التي فقدت ابنتها وحفيدتها روان وزوجها باسم خزعل، أنه تمّ التعرف إلى جثة ابنتها. لكن العائلة ترفض تسلّم جثة هيفاء حتى تُنتشل باقي جثث العائلة. يهدأ محيط المستشفى قليلاً، الجميع الآن في انتظار وصول السفير الفرنسي لتسلّم جثة زوجته، مارلا بييتون. لكن لا دليل يلوح في الأفق على قرب وصوله هو أو الوفد الفرنسي الذي كان قد زار المستشفى سابقاً. قيل إنّ جثتها ستُسلّم عند الواحدة والنصف ظهراً، لتنقل مباشرة إلى مطار بيروت ومنه إلى فرنسا. آخرون قالوا إن عملية التسليم ستجري غداً. وبعيداً عن تقوّلات الإعلام، تسلّم السفير جثة زوجته، كما شاء، بعيداً من العيون الدخيلة. من جهته، يقول مسؤول واسع الاطلاع في مكتب التحقيقات الجنائية إن أغلب «العيّنات الموجودة لدينا هي أشلاء وقطع صغيرة لأربع وعشرين ضحية، وجميعها موثّقة ومصوّرة وستُسلّم إلى الأهالي دفعة واحدة لدى إعلان الحكومة انتهاء عمليات البحث». وقال مصدر مسؤول في مستشفى بيروت الحكومي «إن إدارة المستشفى ستُعلم الوزير بنتائج فحوصاتنا والوزير يبلغ الأهالي الذين يقررون تسلّم أشلاء الجثث إذا أرادوا دفنها، مكتفين بما لديهم».