في قسم التاريخ، الفرع الأول، تتشعّب المشاكل بقدر أزمات الجامعة اللبنانية، إلّا أنّ ما يحدث هناك فاق التصوّر لينفجر أمس، يوم الامتحانات، بوجه الإدارة
عامر ملاعب
حالة من الهستيريا سيطرت أمس على يوم الامتحانات في مبنى قسم التاريخ، كلية الآداب، الفرع الأول في الجامعة اللبنانية. ففي ذلك القسم المكتظ بنحو 1600 طالب مسجّل، ليس هناك سوى 210 مقاعد. ما يزيد الأمر تعقيداً هو أن 30 فقط من الطلاب المسجلين يحملون الجنسية اللبنانية، أما الباقون فسوريّون. «نحن طلاب درجة ثالثة في الجامعة اللبنانية، جريمتنا إنو جينا إلى لبنان كي ندرس». هذه عينة من صرخاتهم التي أطلقوها يوم أمس. أحدهم، يقف وسط مدخل الجامعة ويخبر زملاءه الذين تحلقوا حوله: «لقد عدت للتو من السفارة السورية، ورفعت عريضة احتجاج إلى اللجنة المختصة في السفارة. نحن لا نقبل هذا الوضع، ونعامل كأننا عبيد في الشقيق، لبنان». وبعدما رفض الإفصاح عن اسمه كاملاً للإعلام كي «لا أرسب في الامتحانات» قال لـ«الأخبار» «نحن نتكبّد تكاليف عالية جداً بالنسبة إلى قدرتنا المادية، فالطالب السوري يدفع 950 ألف ليرة لبنانية للتسجيل، و50 ألف ليرة للمعادلة، أضف إليها النقل على مدار السنة والسكن والمصاريف اليومية في لبنان، وهي ذات تكلفة عالية على قدرتنا الشرائية، بينما الجامعة اللبنانية تستفيد من الطلاب السوريين في قسم التاريخ فقط بما يوازي ملياراً وستمئة مليون ليرة». يضيف: «إذا كان مبنى الجامعة لا يستوعب هذا العدد فلماذا قبلوا تسجيلنا؟ نحن نحمّل المسؤولية للإدارة المركزية للجامعة، والقسم هنا وقع ضحية سوء التنظيم».
يتدخّل زميله سامي: «حتى الأسبوع الماضي كان التسجيل على المواد ما زال سارياً. كيف يمكنهم أن يسجّلوا الطلاب قبل الامتحانات بأيام قليلة؟ ونحن أصلاً لدينا شكوك في التصحيح والأسئلة وطريقة التعاطي معنا، وأصلاً هم لا يردّون على استفساراتنا، وليس هناك من يوجّهنا، والمواد لم تُنشر على لوحة الحائط على مدخل الجامعة».
وبينما رفضت إدارة القسم التحدث إلى الإعلام من دون إذن رسمي، أكدت مصادر متابعة له لـ«الأخبار» أن «المشكلة ذات بعدين، الأول من حيث عدد الطلاب، والثاني يكمن في نظام التعليم الجديد (LMD)». تضيف المصادر إن «ضغط العدد يمثّل عبئاً كبيراً على القسم. الموظّفون يعملون ساعات طويلة يومياً، وهناك مشكلة لوجستية مع الطلاب السوريين، إذ إن معظمهم من غير المقيمين على الأراضي اللبنانية، ويأتون إلينا قبل فترة قصيرة من موعد

30 من طلاب التاريخ فقط لبنانيون، أما الباقي فسوريون

الامتحانات، ما يمثّل أعباءً إضافية على الطلاب، ومنهم من لا يأتي مطلقاً إلّا يوم الامتحان، إذ إن هناك مكاتب سمسرة بين بيروت ودمشق تأخذ مبلغ 100 ألف ليرة لبنانية بدل تسجيل التلميذ». تتابع المصادر إن «قرار تمديد التسجيل للامتحانات، الذي أقرّ سابقاً وسبّب الاكتظاظ، كان سياسياً وفوقيا،ً ولم يراعِ وضع القسم ومكننته وقدرته الاستيعابية، وكان نوعاً من «تبييض الوجه» مع مراجع سورية في السفارة وخارج الحدود، والقضية تتعلق بإدارة الجامعة اللبنانية، والتسجيل الأكاديمي بقي مفتوحاً لغاية آخر كانون الثاني، والامتحانات في 10 شباط».
وتسأل المصادر نفسها «كيف يمكن أن نخرّج طلاباً وباحثين في أجواء كهذه، وكيف يمكنهم أن يدرسوا جيداً والقاعات لا تتسع لما نسبته 10% منهم، وقد استخدم القسم في اليوم الأول من الامتحانات مبنى اللغة الإنكليزية (230 مقعداً) ومبنى اللغة العربية (290 مقعداً) والباقي (عالطريق) نحو 300 تلميذ، والمبنى لا يتّسع إلّا لنحو 210 مقاعد «الكتف على الكتف»؟ أين مراعاة تنظيم المقاعد في الامتحانات؟».
في النهاية، وكما تعالج معظم مشاكل الجامعة اللبنانية بالتسويات، تردّد بعد ظهر أمس أن هناك دورة استثنائية ستقام للطلاب الذين لم يتمكّنوا من إجراء الامتحانات في هذه الدورة.