قدّم النائب سمير الجسر مشروعاً إلى دار الفتوى يتعلق بحضانة الأطفال والنفقة والمهر، وهو مختلف عن «مشروع» دار الإفتاء نفسها، وقد رأت «شبكة حقوق الأسرة» أنّ الجسر يهدر حقوق الطفل به، و«ينسف» مشروع القانون المقترح من جانب أعلى سلطة دينية
رضوان مرتضى
مسألة حضانة الأم لأطفالها في حال الطلاق، وسن الحضانة بالتحديد من أكثر القضايا الخلافية في لبنان. فبعدما وافق مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ومجلس القضاء الأعلى، في شباط 2009، على تعديل المادة 242 من قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري، في إطار مشروع قانون يرفع سن حضانة الأم لأولادها، بحيث تصبح 13 عاماً للذكور، و15 عاماً للإناث، بدل سبعة أعوام للذكور، وتسعة أعوام للإناث، برزت مشكلة تجميد «لجنة الإدارة والعدل» للمشروع منذ منتصف العام الماضي، بعدما أحاله عليها مجلس النواب، الذي كان قد تسلّمه بدوره من مجلس الوزراء. التجميد مثّل حافزاً لتحرّك «شبكة حقوق الأسرة»، التي وجّهت كتاباً إلى المرجعيات والمسؤولين السياسيين في لبنان، تطالبهم فيه بالعمل على إقرار مشروع القانون، مبديةً خشيتها من تمييع القضية، على ضوء اعتراض أحد أعضاء اللجنة النيابية على المشروع، وهو النائب سمير الجسر، الذي طالب بإعادة صياغته خلال أسبوعين.
المشكلة لم تنته عند مسألة التجميد، بل تطوّرت بعد مشروع القانون الذي تقدّم به النائب سمير الجسر. فرغم وعد الأخير بصياغة مشروع القانون المقدم من دار الإفتاء دون المساس بجوهر الموضوع، فوجئت «شبكة حقوق الأسرة» بأن اقتراح النائب الجسر يتضمن تغييراً جذرياً لكل ما يقترحه مشروع القانون المُحال من رئاسة مجلس الوزراء والمقترح من جانب مجلس القضاء الشرعي بإجماع أعضائه. كذلك جاء مشروع القانون المقترح من النائب الجسر لينقض الاقتراح الذي تقدّمت به دار الإفتاء برفع سن الحضانة، مقترحاً خفض سن الحضانة إلى 13عاماً للبنت و 11 عاماً للصبيّ، وأرجع ذلك إلى تقدير القاضي المطلق.
في هذا الإطار، تستغرب رئيسة «شبكة حقوق الأسرة» المحامية إقبال دوغان عرقلة مشروع قانون وقّعه المفتي قباني منذ العام الماضي، والرغبة في إطاحته دونما اكتراث لحقوق الطفل. ترى المحامية دوغان أن مشروع النائب الجسر جاء لتمييع إقرار مشروع القانون الموجود في لجنة الإدارة والعدل. كما تؤكد دوغان ضرورة إقرار مشروع القانون المتعلق برفع سن الحضانة لدى الطائفة السنية، فتكون 13 عاماً للصبي، بعدما كانت سبع سنوات، و15 عاماً للبنت. قالت المحامية دوغان لـ«الأخبار» إنّ المطلب كان تعديل سن الحضانة فقط، إضافةً إلى القليل من الإصلاحات في ما يخص النفقة والمهر، لا تعديل قانون العائلة كما ورد في مشروع النائب سمير الجسر، الذي تضمن 26 مادة. وتشير دوغان إلى أن «تعديل 26 مادة سيعرقل التعديل الضروري»، كاشفةً عن أن «المفتي قبّاني أكّد إصراره وتمسّكه بإصدار القانون المقترح من مجلس القضاء الشرعي الأعلى».
كانت «شبكة حقوق الأسرة» قد أصدرت ردّاً على مشروع النائب سمير الجسر في ما يخص الحضانة، فعلّقت في معرض ردّها على عدد من المواد التي اقترحها. وأشارت الجمعية في ردّها، إلى أن إسقاط مشروع الجسر لحضانة المرأة التي من غير دين المحضون إلى سن السابعة للولد والبنت، مخالف لمشروع القانون المقدم من مجلس القضاء الشرعي الأعلى. وفي ما يتعلق بالنفقة، رأت «شبكة حقوق الأسر» أن تعديلها يستوجب تعديل قانون حقوق العائلة العثماني، مستغربةً «استثناء المرأة، المتوفّى عنها زوجها، من نفقة العدّة».
ختمت «شبكة حقوق الأسرة» ردّها باعتبار أن «إعطاء سلطة شاملة للقاضي الشرعي بعيداً عن الأحكام المحددة سيؤدي إلى فوضى في القرارات».


مقتطفات من مشروع الجسر

يرفع المشروع المقدّم من النائب سمير الجسر سن حضانة الفتى الذكر إلى أحد عشر عاماً، بعدما كانت سبعة أعوام، بينما يفرض أن تُتمّ الفتاة الثالثة عشرة من عمرها، بعدما كانت سن الحضانة في السابق تسع سنوات. يحدد مشروع الجسر ترتيب الأولوية لمن يحق لهم الحضانة، ويترك للقضاء أداء دور المراقبة. ويؤكد المشروع المنصوص عليه لدى القضاء الشرعي بأنه يحق للأم أن تستعيد حضانة طفلها، حتى لو اضطرت إلى التنازل عنها لأيّ سبب من الأسباب. كما يُجري المشروع تعديلاً مهمّاً على قضية صداق المرأة عند الاقتران، فيخفض قيمة المهر إلى النصف من حيث القيمة المنصوص عليها في المشروع الصادر عن مجلس القضاء الشرعي الأعلى، ويربطه بالذهب وبسعره الرسمي عند حصول عقد الزواج، بعدما كان في السابق مرتبطاً بالليرة اللبنانية.