تطوّر خلاف بين أفراد من عائلتين إلى اشتباك بالأسلحة الرشّاشة في الضاحية الجنوبية. تحدّث شهود عن إصابات، لكنّ آخرين أكّدوا أن الرصاص لم يخترق جسد أي إنسان. انتهى الخلاف وعُقدت المصالحة. فما هي حقيقة ما حصل؟
رضوان مرتضى
وقع خلاف فردي على خلفيّة ركن سيارة في عرس أبناء إحدى العائلات. تطور الخلاف إلى تضارب بالأيدي، نجم عنه شجّ رأس المواطن حسن م. إثر ضربه بعصا على رأسه. اشترك في الخلاف شبّان من آل ج. وآل م. لكنه ما لبث أن انتهى. توقّف التضارب للملمة ذيول الخلاف، على أمل أن تُعقد المصالحة في وقتٍ لاحق، لكن الجمر بقي كامناً تحت الرماد بانتظار من يؤجّجه. حُدّد يوم الأربعاء زماناً لاجتماع وجهاء من العائلتين لإجراء المصالحة. أما المكان، فكان في استراحة مقابلة لمخازن قاروط في منطقة الجاموس. مرّت ثلاثة أيام، اجتمع أفراد من العائلتين داخل الاستراحة المتّفق عليها.
مرّت دقائق ليعلو الصراخ من داخل الاستراحة وكأنّ خلافاً قد وقع، يخرج بعدها أحدهم شاهراً مسدسه الحربي ويبدأ بإطلاق النار في الهواء.
وينقل أحد عناصر قوى الأمن الذي صودف وجوده في تلك المنطقة، واصفاً المشهد: «بدأ المسلح بإطلاق النار في الهواء كأنه يؤمّن تغطية لرفاقه»، يضيف: «خرج بعدها عدد من الشبان متّجهين إلى سياراتهم وأخرجوا منها أسلحة رشّاشة ليبدأ الاشتباك».
وقد نقل شهود عيان أن «عدد المشاركين في الخلاف بلغ العشرات، فيما لم يتخطّ عدد المسلّحين 12 مسلّحاً كانوا يحملون رشّاشات كلاشنيكوف».
شاهد آخر ذكر لـ«الأخبار» أن تاجر السلاح جميل م. كان مشاركاً في الاشتباك، لكن التاجر المذكور نفى ذلك، مشيراً إلى أنه كان موجوداً في البقاع. وفي الإطار عينه، يتحدّث العنصر المذكور عن إطلاق نار كثيف بدأ عند الساعة الثالثة تقريباً، ويُكمل: «في هذه اللحظات، مرّت سيارة رباعية الدفع، فتركّز إطلاق النار عليها وجرت مطاردتها بسيارة أخرى حتى جسر الصفير، حيث توقّفت».
هنا تضاربت الروايات، إحداها أشارت إلى أن سائق السيارة سقط جريحاً بعدما أصيب إصابة خطرة، فضلاً عن سقوط جريحين آخرين، أحدهما من عناصر الانضباط أصيب عن طريق الخطأ.
متضرّرين من المصالحة في كلا العائلتين أشعلوا الخلاف
وقد لفتت هذه الرواية إلى أن المصاب الذي كان يقود السيارة ينتمي إلى حزب الله، وقد غُطّي وجهه قبل أن ينقل إلى داخل مبنى المنار لحمايته، ومن هناك أُعيد نقله إلى أحد المستشفيات لمعالجته.
أما الرواية الأخرى، التي جاءت مناقضة لمضمون الروايات التي تحدّثت عن وقوع إصابات، فقد نقلها النائب علي المقداد الذي تولّى القيام بالمصالحة، وتشير إلى أنه لم يصب أحد خلال تبادل إطلاق النار، وإلى أنه لو وقعت أي إصابة لما كانت حصلت المصالحة بهذه السرعة.
وذكر النائب المقداد في حديث إلى «الأخبار» أن «أفراداً متضرّرين من المصالحة في كلا العائلتين هم من أشعلوا الخلاف»، وقد وصف النائب المذكور هؤلاء «بأنهم أفراد غير منضبطين، استغلّوا النفوس المشحونة ليؤجّجوا الخلاف من جديد»، لافتاً إلى أن «المسلّحين كانوا يطلقون النار باتجاه المشرفين على المصالحة»، وأضاف، «هذا خير دليل على أنهم متضررون من المصالحة».
وأكّد النائب علي المقداد أن «الخلاف بدأ فردياً في الأساس وجرى تضخيمه». وعن المداهمات التي نفّذها عناصر من الجيش اللبناني، أشار النائب المقداد الى أنه «أوقف شخص لا علاقة له بالموضوع».
كذلك داهم منزل تاجر السلاح جميل م. الكائن في منطقة الكفاءات، أربع مرّات في محاولة لتوقيفه. وذلك استناداً إلى معلومات نقلها شهود عيان بأنه كان مشاركاً في إطلاق النار الذي حصل.
لحظة وقوع الاشتباك، أُغلقت طريق الصفير تحسّباً لأي تطوّر. مرّت دقائق فسكت الرصاص، عادت الأمور إلى طبيعتها، باستثناء سيارة اخترقتها رصاصات عدة بقيت دليلاً على ما جرى. قبل أن تمرّ الساعات، كان أبناء المنطقة لا يزالون متخوّفين من أن يتجدد الاشتباك، يترقّبون بحذر أي تحرّك غير مألوف خوفاً من أن تطيح أحدهم رصاصة طائشة فتُزهق حياته. أما اليوم وبعدما عُقدت المصالحة وصدر بيان عن النائب علي المقداد ليزفّ الخبر، فقد عادت الأمور إلى طبيعتها وكأن شيئاً لم يكن.
وقد وصفت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه، في بيان أصدرته أمس، الحادث بـ«إشكال بين عائلتين... تطوّر إلى تبادل لإطلاق النار، وقد أدّت إجراءات الجيش إلى إعادة الهدوء إلى المنطقة وتوقيف شخص».