عمر نشّابة«طبعاً لا! بالكاد يمكننا الاعتماد عليها لإتمام واجباتها المنزلية!» يجيب أحد الضبّاط في المديرية «... مش وقتا هلّق». يتدخّل زميله ويحدّق إلى الكاتب بطرف عينه ثمّ يسأل «شو؟ في مشروع حرتقة على اللواء المدير العام؟» ظناً منه أن خلف كلّ ما يثار في قضايا الشأن العام نيّات سيّئة وتوجهات مؤامراتية تافهة.
يا حضرات السيدات والسادة، هل تقبلون بمديرة عامة لقوى الأمن الداخلي؟
«طبعاً لا! فالمواقع القيادية تتطلب خبرة واسعة لا أظنّ أن السيدات في لبنان يتمتعن بها» يجيب أستاذ العلوم الاجتماعية، «ولا تهمهن مناصب كهذه أصلاً». يصمت للحظات ثم يرفع حاجبيه ويسرد «أهمية المساواة بين الجنسين».
يجيز القانون تولّي سيدة المنصب وإن كانت من خارج السلك العسكري، بينما يرفض ضباط قوى الأمن القيادة المدنية، فكيف إذا كانت من «الجنس اللطيف»؟ فالبذلة العسكرية وحمل السلاح مثالان للرجولة، بينما الإغراءات الجنسية هي أول ما يخطر في بال الباحث عن رمزية المظاهر النسائية في لبنان.
وبهذا المعنى، فإن معظم ضباط قوى الأمن، مثلهم مثل معظم أرباب العائلات ومديري الشركات وأساتذة الجامعات، يعدّون الذكورية أداة أساسية في فنّ القيادة. هل يعني ذلك أن جواب الضباط عن سؤالنا يختلف إذا كانت المديرة تتمتع بصفات ذكورية؟
فالسيدة التي تتمتع بتلك الصفات لا تقتصر تصرّفاتها على تصرّفات «الحسن صبي»، بل إن اقتناعها بوجوب حصر القيادة بالأداء الذكوري يميّزها أيضاً عن باقي السيدات.
لكن لا يفترض أن تكون التعيينات مبنية على مساواة بين الرجل والمرأة المسترجلة، بل بين الرجل والمرأة أمام ما تتطلّبه الوظيفة من خصائص ومميزات. فهل تضعف المديرة من قدرة المؤسسة على إتمام مهماتها أم تساعد على حلّ مشاكلها؟ قبل البحث عن الإجابة، نسأل هل من بين السيدات في لبنان من تتمتع بالإرادة والكفاءة لتولّي مديرية مؤسسة بهدف إصلاحها وتطويرها؟