طرابلس ــ فريد بو فرنسيسارتفع جدار ضخم من الكرتون وسط ساحة التل. كان أبيض حتى صباح أمس، ثم ما لبث أن امتلأ بالرسوم. شيئاً فشيئاً، بدأت تتظهر الصورة: رسوم عن الحرب والسلم. أما المناسبة، فيشير سليم اللوزة، منسق نوادي المواطنة والسلم ضمن إطار مركز الديموقراطية المستدامة إلى أن «هذا النشاط يأتي في الذكرى السنوية الخامسة والثلاثين للحرب الأهلية في لبنان». ويضيف اللوزة: «إن الهدف هو توعية الناس على أن السلم الأهلي لا يخيف، وإن كان هناك اختلافات في الآراء بين اللبنانيين، فلتكن سلمية وبالحوار بعيداً عن العنف والمآسي». ويستفيض اللوزة في شرح فكرة الرسوم، فيرى أن «فكرة تجسيد حالتي الحرب والسلم تجري بالرسم على حائط يفصل بين حالتين تجسدهما الانقسامات والنزاعات التي تحول دون إرساء ثقافة السلام الهادفة إلى ترسيخ السلم الأهلي». على هذا الحائط، «يرسم الأطفال والشباب ما يحلو لهم من شخصيات تحمل خلفها ظلاً يجسّد واقعنا اليوم، ويكتبون ما يخطر ببالهم عن الحالة التي يظنون أنها ستحدث في المستقبل»، يقول اللوزة. إلى جانب حائط الرسوم، نشر الشباب في الساحة بالونات ملونة، كتب عليها المشاركون عبارات عن الحرب والسلم، ثم فقعوا بعد ذلك بالونات الحرب وأبقوا بالونات السلم وطيّروها في الهواء.
«إن أهل طرابلس انسجموا كثيراً بالفكرة، واشترك عدد من الأطفال معنا، وقد عبروا عن رفضهم للحرب بهذه الطريقة الفنية»، تقول المتطوعة لورا سعد من نادي بيروت. وترى نايلة أبي نصر، الناشطة في المركز، أن «الشارع الطرابلسي تفاعل مع الفكرة، والكل أرادوا معرفة ما يجري ورسمه أيضاً».
يأتي هذا النشاط في إطار برنامج «السلم الأهلي ما بخوّف»، الذي أطلقه المركز عام 2008. ويهدف إلى تمكين الأطفال والشباب، من خلال تدريبهم على أسس ترسيخ السلم الأهلي عبر نشاطات توعوية وترفيهية تقام على مختلف الأراضي. لا تقف الأهداف عند هذا الحد، فثمة أهداف أخرى، منها «إطلاق حوار بين الأهل والأطفال والشباب، لتبادل وجهات النظر في الحروب اللبنانية ومواقفهم والعبر المستخلصة منها، وتفعيل مشاركة الأطفال والشباب في اتخاذ القرار لإرساء الأسس للحؤول دون اندلاع حروب مستقبلية». من جهته، رأى رئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد الجمالي «أن هذا النشاط ضروري كي لا ينسوا مآسي الحرب»، داعياً «إلى استحضارها دائماً لأخذ العبر منها».
انتهى نشاط أمس بـ«أكلة كبّة»، أراد من خلالها شبيبة النوادي المشاركون إيصال رسالة مفادها أن «الشباب يجب أن يشبهوا البرغل الذي يكون عادة القاسم المشترك بين كل أنواع الكبة في كل المناطق اللبنانية».