نظّمت الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث «مباراة المشاريع العلمية» في مدينة النبطية، وشهدت المنافسة هذا العام اعتراضات واسعة وانسحاب بعض المدارس، في مقابل تأكيد المنظّمين حسن سير المباراة
النبطية ــ مايا ياغي
نظّمت الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث «مباراة المشاريع العلمية»، كما درجت العادة في الأعوام السابقة. ومنذ العام الفائت، لم تعد المباراة تقام بمشاركة مدارس النبطية وحسب، بل توسعت لتشمل مدارس صور في الدورة الماضية، ومدارس بيروت هذه السنة. هكذا، وللمرة السابعة على التوالي، خيّم جوّ علمي على المدينة. لكن ثمة ملاحظات على الأمر. فالانطلاقة المتميّزة يُفترض أن تدفع المدارس إلى المشاركة الواسعة، إلا أن هذا العام شهد تراجعاً ملحوظاً في إقبال مدارس النبطية، قدّره متابعون بعشر مدارس، ما خلّف أسئلة كثيرة عن الأسباب الكامنة وراء هذا الانسحاب المفاجئ. ووفقاً للمتابعين أيضاً، فإن مباراة هذا العام شهدت انسحاب بعض الحكّام من لجنة التحكيم.
مدير مدرسة أجيال الدوير، أكرم إبراهيم، كان من الذين واكبوا انطلاق المباراة. شارك في كل المباريات السابقة. هو أحد الذين انسحبوا هذا العام، بعدما قدّم كتاباً إلى اللجنة المنظّمة للمباراة، وإلى اتحاد بلديات الشقيف في العام الماضي، إثر ظهور النتائج النهائية للمباراة، ولم يلقَ رداً عليه، أو على الملاحظات التي قدّمها حتى الآن. إبراهيم مستاءٌ من «التركيز على تكلفة المشروع المادية، علماً بأنه يجب ألا يثقل عاتق الطالب بالأعباء المادية خلال عملية تقديمه لفكرة علمية ما، إضافة إلى ذكر أسماء المدارس خلال عملية عرض النتائج، وهذا ما يتعارض مع هدف المباراة الأول، وهي التي يُفترض أن تكون مباراة طلابية بالدرجة الأولى». لا يتوقف الأمر على ذلك، ففي رأي إبراهيم، «حتى الآراء في لجنة التحكيم يجب أن تكون متنوعة، لا أنّ كل أستاذ يُعنى باختصاص ما يقوّم المشروع على أساس اختصاصه». في المقابل، يرى هيثم شعيب، مدير مدرسة جبشيت الرسمية، الذي قدّم لهذه المباراة ثمانية مشاريع من أصل خمسين مشروعاً إجمالياً وفاز بسبعة مشاريع منها، إن «كلفة المشاريع لا تدخل ضمن المعايير التي تقوّم اللجنة على أساسها. فالعديد من المشاريع المكلفة جداً لم تفز بأية مرتبة. ولكن ما يُشك فيه هو أن «تقويم اللجنة يقتصر على أستاذ واحد ولا يؤخذ بوجهة نظر الآخرين من الأعضاء، وخصوصاً أن أحد المشاريع رفضه أحد الأعضاء بحجة أن الفكرة مكرّرة». لا يوافق شعيب على ذلك. أما شوقي رمال، مدير مدرسة العلوم الحديثة، فيرى «أن الحدث مهم وإيجابي على صعيد المنطقة ولبنان»، لكنه يشترط أن يبقى طلابياً بامتياز. يعتقد رمال أن الحدث تحوّل أخيراً «إلى منافسة تجارية وإعلانية بين المدارس».
ولم يقتصر الانسحاب على المدارس وحدها. جميل معلم، أحد أعضاء اللجنة التحكيمية، انسحب هو الآخر «لأنه لم يكن على علم بالامتحانات».
وعلّق معلم على النتائج قائلاً «معظم المشاريع التي تفوز هي من إعداد أساتذة وتنفيذهم وعرض طلاب، وهذا لم يكن يخفى على لجنة التحكيم». على عكس معلم، أبدى رئيس اتحاد بلديات الشقيف، سميح حلال، ثقته بلجنة التحكيم، معتبراً «أن المهم في الموضوع فهم الطالب لما يقوم بعرضه، ولذلك فلا ضرر في أن تكون المشاريع من إعداد الأستاذ وتنفيذه».
وعندما وصلت هذه الملاحظات إلى حدّ الاتهام والتشكّك في نتائج المباراة، ردّ رضوان شعيب، من اللجنة التأسيسية للمباراة، على المتشكّكين، مشيراً إلى أن «قدرات الأساتذة في لجنة التحكيم لا يمكن الشك فيها، وأن النتائج تثبت عكس ما يقال». وقال شعيب إن كلفة المشروع لا تدخل ضمن نطاق التقويم، لأن العديد من المشاريع الفائزة كلفتها متدنية جداً، مثل مشروع قياس الزوايا، و«لا أجد مشكلة في استعانة الطلاب بأساتذتهم أو بعض المصانع لإنجاز مشاريعهم». وعن ذكر أسماء المدارس، فهذا يضاف إلى ذكر أسماء الطلاب والأساتذة المشرفين. وعلّق شعيب على الأحاديث التي تسري بشأن قيام أحد الأساتذة المشرفين بتقديم ما نسبته 16 في المئة من المشاريع، فلم ينفها، ورأى أن هذا «لا يتعارض كمّاً مع أسس المشاركة، بل يثبت مدى نشاط الأستاذ واهتمامه». وفي الإطار ذاته، لفتت مصادر متابعة إلى وجود محاولات من المنظّمين لإرضاء جميع المدارس، وإلى حدوث جلسات تعيد دراسة النتائج الأوّلية، على أساس المدارس لا على أساس النوعية، وهذا بالضبط ما لفت إليه المستقيل من لجنة التحكيم، جميل معلم.

تحوّل الحدث إلى منافسة تجارية وإعلانية بين المدارس
في المحصلة، أعلنت الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث النتائج، خلال حفل اختتام مباراة المشاريع العلمية، وذلك في مركز ثانوية الصباح الرسمية. الاعتراضات مجرد اعتراضات غير مؤثرة حتى الآن. وفي النتائج النهائية، فازت ثانوية الرحمة كفرجوز بجائزة الإبداع والتميّز عن المشروع الإلكتروني الذي قدمته توثيق الخدمات الخاصة بالمعوقين، وفازت ثانوية أنصار الحكمة بالجائزة الأولى للبحوث عن المرحلة الثانوية عن مشروع معالجة البدانة بالرياضة، أما جائزة المشاريع التشغيلية عن المرحلة الثانوية، ففاز فيها مشروع قياس الزاويا من ثانوية جباع الرسمية بالمرتبة الأولى، وعن المرحلة المتوسطة فازت مدرسة حسن حلال الرسمية بالمرتبة الأولى عن مشروع المجففة الشمسية. أما عن فئة مشاريع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ففازت به ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية عن مشروعenergie de deuzieme lois de Nyoton.


جوائز بقيمة 250 مليوناً

أكد المنظّمون أن قيمة الجوائز لهذا العام تقدر بـ250 مليون ليرة لبنانية، خصص مبلغ خمسة وسبعون مليوناً منها لمباراة النبطية، إضافة إلى مشاركة 21 مدرسة ومئة طالب في مباراة هذا العام. وكان لافتاً مشاركة أشخاص غير أكاديميين، كخضر هاشم، صاحب محل إلكترونيك وأدوات كهربائية، الذي ينفّذ العديد من المشاريع والأفكار التي يقدمها الطلاب، والذي يلفت إلى أن مستوى الأفكار التي تقدّم لا يوحي بأن الطالب هو الذي ابتدعها.