ترتفع أشجار الخروب بارزة في بلدة عربصاليم، التي تقع على مرتفعات إقليم التفاح. وهي أشجار تنتمي لعائلة البقوليات التي تساهم في تغذية التربة من خلال عملية التقاط غاز الـ«أزوت» من الهواء وتحويله إلى جذورها وإلى التربة التي تحتضنها، ما يمدها بغذاء يضمن سلامتها ويحسن، في الوقت عينه، من نوعية التربة. في هذا السياق، يعتبر الاهتمام بهذه الأشجار وتعزيز زراعتها في لبنان ضرورياً، لأنها تلائم الطبيعة الكلسية لتربة جبالنا، وتعتبر نموذجية في تحمّل الجفاف وفي مواجهة قلة المياه، إلا أنها زراعة لم تحظ بعد بالاهتمام الكافي في بلادنا حيث لا يزال المزارعون يستعملون أصنافاً قديمة منها، فيما بلد مثل قبرص مثلاً قد نجح في تطوير بذرتها ليصبح في غضون سنوات من أهم المنتجين والمصدرين للخروب ومشتقاته من بذور وعُقَل وشتول وشراب. وفيما أدى تاريخياً وجودها بكثافة إلى تسمية منطقة «إقليم الخروب» على اسمها، قبل أن تنقرض زراعتها هناك، لا يزال مزارعو عربصاليم يهتمون بزراعتها ويعتنون بها. بعد موسم القطاف، يسلّمون إنتاجهم من الخروب للجمعية التعاونية العامة في البلدة، لتبدأ عملية استخراج الدبس منه. العملية دقيقة: تُكسّر قرون الخروب بآلات خاصة، وتفرز البذور عن اللب والقشور. بعدها، يودع مزيج اللب والقشور في غرفة خاصة مغلقة لمدة شهرين كاملين حيث يُخمّر. بعد أن يتخمّر الخليط، يُنقَع بالماء لمدة أربع ساعات ثم يُصفَّى من الماء ويوضع على النار لمدة أربع ساعات أيضاً حتى يغلي ويشتد فيصبح دبساً سميك الملمس. هذه الطريقة الحديثة الممكنة لصناعة الدبس، أما بالنسبة للطريقة اليدوية، إذ إنه يصنع أيضاً في المنزل، فهي ذاتها تقريباً، باستثناء أن عملية تكسير القرون وفرز البذور عن القشور واللب تكون يدوية، بينما تجري عملية التسخين والغليان على الحطب. بعد ذلك، يوضع الدبس في خزان من «الستانلس الستيل» حتى يبرد، ثم يُصَبّ في أوعية خاصة عليها ختم «دبس جبل الرفيع» ليُطرَح بعدها في الأسواق المحلية والمعارض. أما بذور الخروب، فتُجهَّز للتصدير إلى فرنسا حيث تُستخدَم كمادة مكوّنة أساسية في صناعة مستحضرات التجميل، في انتظار أن يصبح لدى الجمعيات الزراعية قدرات مالية تمكّنها من استثمارها محلياً وتنفيذ مشاريع كبيرة تعود عليها بالفائدة المادية، بدل تصديرها لخارج يملك قدرة تصنيعية تفتقدها هي. في المقابل، تحاول الجمعية الاستفادة من الخروب لتصنيع شراب مشابه للكاكاو حيث يُجفف بذر الخروب ويُطحن ويمكن الاستفادة منه في تصنيع بعض الحلويات الغامقة اللون كالشوكولا، تُستخدَم بديلاً صحياً عنه.
مايا...