تحت شعار معًا نزرع، معاً نحصد، تحمل التعاونية الزراعية العامة في بلدة عربصاليم الجنوبية همّ المزارعين في البلدة وتجهد في متابعة مشاريعهم وتنميتها، وخصوصاً أن البلدة معروفة بغنى مصادرها الزراعية الأولية
مايا ياغي
بدأت الفكرة مع مجموعة من عشرة مزراعين ونحالين حرصوا على ممارسة نوع من الإرشاد الزراعي من خلال دورات تدريبية أقاموها لزملائهم من المزارعين في مجالات الزيتون، تربية النحل، الزراعة العضوية، الصناعات الغذائية والأعشاب الطبية، بالإضافة إلى دورات إدارية عن ماهية العمل التعاوني.
بعدها، بدأت الجمعية تطبّق المشاريع على الأرض حيث استطاعت أن تستحصل على جرار زراعي قدمته لها إحدى الجهات الداعمة لتكرّ بعدها سبحة المشاريع الكبيرة وتتطور. فبعد استصدار الترخيص في عام 2002، كان المشروع البارز هو تأمين مركز للأعلاف المركّزة للمواشي عام 2005، يستفيد منه حوالى 60 مربياً للماشية، حيث إن البلدة تضم أكبر مزرعة ماشية في المنطقة.
بعد عدوان تموز عام 2006، كان الوضع الزراعي صعباً في البلدة، وخصوصاً أن قسماً كبيراً من غطائها الأخضر قد تضرّر خلال العدوان بينما نفق عدد كبير من قطعان الماشية فيها. هكذا، وبالتنسيق مع البلدية، قامت المجموعة بحملات تشجير وبتقديم الشتول للمزراعين. مع أن التحديات المالية واجهت تنفيذ الكثير من المشاريع، إلا أن اليد الممدودة لبعض الجهات المانحة أنقذت هذا القطاع وساعدت المزارعين على إعادة تحسين أوضاعهم. كان عام 2007 مليئاً بالخير على صعيد إنتاج الزيت والزيتون، وخصوصاً أن البلدة تحوي ثلاث معاصر تنتج كمية كبيرة من جفت الزيتون يُصدَّر إلى سوريا بأسعار زهيدة. ثم جاءت فكرة البحث في كيفية الإفادة من هذا الجفت في عملية التدفئة، إذ إن عربصاليم بلدة جبلية، ومعظم منازلها تعتمد على تدفئة «صوبات» الحطب. في هذا الإطار، زار فريق من الجمعية تركيا للاطلاع على كيفية عمل معامل تصنيع الجفت، بعدها وُضع المشروع وحظي بمنحة لتأسيس معمل خاص يعالج الجفت في خراج البلدة بمساحة 300 متر مربع وبطاقة إنتاجية توازي طناً واحداً في الساعة.
مع توافر الثروة المائية، تنشط الكثير من الزراعات في بلدة عربصاليم، حيث تسجل زراعة الخضار إنتاجية عالية، كما تزدهر زراعة الزعتر التي بدأ العمل بها كمشروع للزراعات البديلة، بعدما مدّها بالمياه اللازمة سبعة عشر مزارعاً من أبناء البلدة تعاونوا في تركيب شبكات ري حديثة. إلا أن المياه وحدها لا تكفي، فلتحسين الإنتاج، تحتاج هذه المشاريع إلى سماد عضوي. وبما أن البلدة نشيطة في إنتاج العلف الحيواني بالإضافة إلى مخلّفات الزيتون والنباتات، أُنشئ مركز للسماد العضوي يخمّر مخلّفات النباتات والحيوانات لتصبح سماداً صالحاً للاستعمال.
المشروع الأهم في التعاونية كان العمل على تصنيع منتجات الخروب إذ يُقدَّر الإنتاج السنوي للمصنع بـ121 طناً من دبس الخروب، بالإضافة إلى إنتاج البلدة المتميز من الملوخية، الذي عُزّز أكثر فأكثر بعدما صُنّعت مجففات خاصة بالملوخية، تسمح بزيادة إنتاجها من دون مشاكل، وُزّعَت على أكبر عدد من زراعيها بأسعار مدعومة جداً. ينشط أيضاً في عربصاليم إنتاج العسل البلدي. فتربية النحل مزدهرة في البلدة، والجمعية عملت على صعيد الإرشاد لهذا القطاع وقدمت قفران نحل للمربين. هذا النشاط الزراعي المتفجّر في البلدة جعل من تسويق المنتجات بهذه الكمية الكبيرة أحد التحديات الأكبر التي تواجه الجمعية. فكان الحل في تعاونها مع بعض شركات التسويق وفي مشاركتها في معظم المعارض التسويقية المحلية على صعيد المدن الكبرى كبيروت وصيدا وصور. يؤكد رئيس التعاونية قاسم حسن «أن دخول المزراع إلى العمل التعاوني كان تحدياً كبيراً بحدّ ذاته، فهذه الفكرة لم تكن واردة من قبل. أما الآن، فقد أصبحت الجمعية تضم ستة وثلاثين عضواً من نساء ورجال خضعوا للعديد من الدورات التدريبية في الإدارة والمحاسبة والتخطيط والتسويق ومجالات أخرى».
حالياً، يجري العمل على تأمين خزانات «ستانلس» لتخزين زيت الزيتون، وبالتالي حفظه بطريقة جيدة، ما يضمن له عمراً طويلاً من دون تلف، بالإضافة إلى تفعيل قطاع تربية النحل تفعيلاً أكبر ومحاولة إيجاد مشروع تستثمر فيه بقايا مخلفات الخروب، التي غالباً ما تُصدَّر إلى أوروبا حيث تصنّع وتباع بأسعار رخيصة جداً، في إنتاج مستحضرات التجميل.
فتحت الجمعية أيضاً محلاً لبيع الأدوية الزراعية والأسمدة العضوية بأسعار مدعومة للمزارعين، بالإضافة إلى تأمينها معدات لتصنيع البرغل والكشك والزعتر. ومن أهم النشاطات التي قامت بها الجمعية أيضاً، تكريم المزراعين الكبار من أبناء البلدة في خطوة سباقة، نظراً للإهمال الكبير الذي يطالهم في العادة.