رامي زريقما يحصل اليوم مع قضية جائزة سمير قصير، التي تتيح لصحافيين من «إسرائيل» الترشح لنيلها، هو نتيجة متوقعة لحراك الجمعيات غير الحكومية في بلادنا. فبعض هذه الجمعيات تتبنى، بالإكراه أو بالاقتناع، مقاربات مموليها للسياسة والاقتصاد. من الواضح أن الهيئات المانحة الغربية قد قرّرت أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يمرّ عبر تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وخاصة في أوساط «النخبة» الثقافية. وبالمناسبة، هذا هو تماماً ما يطالب به رئيس وزراء العدو حين يشترط على العرب فتح قنوات العلاقات التجارية والثقافية معه لقاء مفاوضات قد تؤدي إلى إعطاء الفلسطينيين بعض السلطة المشروطة على فتات وطنهم. ويمثّل استبدال مصطلح «البلدان العربية» بآخر مثل «الشرق الأوسط» أو «المتوسط» جسر العبور إلى ما يصفه بعض من لا يزال عقله مُستعمَراً، بـ«الانفتاح والتحضر». تكثر الأمثلة هنا. فقد صرّحت السيدة خوري، رئيسة مؤسسة سمير قصير، أن إدراج إسرائيل ضمن لائحة الدول المشمولة بالجائزة هو شرط وضعته المفوضية الأوروبية المانحة بهدف شمل كل دول «المتوسط». وفي هذا السياق، يجدر الذكر أن الجمعيات البيئية والتنموية اللبنانية تخضع دائماً لهذا النوع من الإغراءات. مثلاً، نظّمت جمعية IUCN البيئية العالمية ورشة عمل في إسبانيا عن التنوع النباتي في المتوسط ضمّت ست دول عربية و... إسرائيل. أما حين تعتذر جمعية ما عن المشاركة بسبب حضور إسرائيل، فتلتفت الجهة المنظمة لأخرى إلى أن توافق إحداها.
إن القطاع المدني هو كناية عن مروحة واسعة من المجموعات قد تختلف مقاربة كل منها للواقع عن الأخرى، إلا أنها مُلزَمة بقانونين أساسيين، أولهما أخلاقي والثاني تشريعي يعود لعام 1959 واسمه قانون مقاطعة إسرائيل.