عمر نشابةاعترف قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال فرانسين بأن المعلومات التي ارتكز القضاء اللبناني عليها لاعتقال الضباط الأربعة، اللواءين جميل السيّد وعلي الحاج، والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان، «تفتقد الصدقية». كذلك، اعترفت المحكمة بأن الضباط لم يكونوا مشتبهاً فيهم أو متهمين بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكنها أعلنت رسمياً عدم صلاحيتها لملاحقة أشخاص ثبت عدم «صدقية» شهادات أدلوا بها واعتُقل الضباط على أساسها، إذ عدّت ذلك من صلاحية القضاء الوطني المختص. غير أن القضاء اللبناني رفض عشرات المذكرات التي كان قد أرسلها الضباط، ورأى أن الاختصاص في هذه القضية يعود للمحكمة الدولية في لاهاي. وكان اللواء جميل السيد قد بعث بنحو مئة مذكّرة إلى القضاء اللبناني وأكثر من 110 مذكرات أخرى إلى لجنة التحقيق الدولية، مطالباً بالتحقيق مع من أدلى بمعلومات كاذبة.
اللواء جميل السيّد الذي سجن لنحو 4 سنوات بغير وجه حقّ، لا تقنعه طبعاً حجة عدم اختصاص القضاء الوطني. كذلك، تلك الحجة لا تقنع كلّ من يريد العدل والإنصاف ويسعى إليه. خاطب أخيراً المحكمة الدولية الخاصة، سائلاً: كيف يمكن القضاء الوطني أن يحقق في قضية شهود الزور، بينما تحتفظون بالأدلّة؟ فمضمون ملفّ التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، بما فيها المحاضر وكل المعلومات التي «تفتقد الصدقية» (بحسب القاضي فرانسين) موجودة حالياً بحوزة المدعي العام الدولي دانيال بلمار.
يمكن اختصار الوضع القائم بالآتي: إن من لديه الصلاحية القانونية في قضية شهود الزور، لا أدلة بحوزته، ومن ليست لديه تلك الصلاحية، فلديه الأدلة الكافية لإدانتهم قضائياً.
رئيس المحكمة الدولية القاضي أنطونيو كاسيزي تلقى طلب اللواء السيد وتنبّه إلى المنطق العدلي الذي يتميز به ذلك الطلب. أحال الطلب على القاضي فرانسين ليبت الأمر العالق بين السيد وبلمار، باعتبار أن بلمار يمتلك الأدلة التي أحالها عليه القضاء اللبناني إثر انتقال الاختصاص في آذار 2009. ووضع فرانسين جدولاً زمنياً بناءً على قرار كاسيزي، ومنح السيّد 14 يوماً لتوضيح حقه في المرافعة. انتهت المهلة منتصف الأسبوع الفائت، بعث خلالها السيّد مذكرة (220 صفحة) تضمّنت معلومات موثّقة وأسماء وتواريخ وتفاصيل أخرى تشير إلى فبركة شهود الزور.
لبلمار مهلة 14 يوماً بدأت منذ مطلع الأسبوع الفائت، وتنتهي في 3 حزيران، على أن تمنح المحكمة لاحقاً السيّد 7 أيام للردّ و7 أيام لبلمار للردّ على الردّ، على أن تلي ذلك جلسة علنية في لاهاي، بناءً على قرار فرانسين إذا اقتضى الأمر.
ويبقى السؤال: هل تتمكّن المحكمة الدولية من تصحيح مسارها في سبيل تحقيق العدالة؟ أم... ؟