جوزف عبدالله جورج إبراهيم عبد الله مقاوم لبناني أوقفته السلطات الفرنسية في ليون عام 1984. وجرت محاكمته في محكمة خاصة تعمل للمرة الأولى في فرنسا في العصر الراهن، وحُكم عليه بالسجن المؤبّد مع فترة أمان مدتها 15 سنة، وذلك بتهمة اشتراكه في قتل الكولونيل تشارلز راي، الملحق العسكري في السفارة الأميركية، وياكوف بارسيمنتوف، مسؤول الموساد والسكرتير الثاني في سفارة الكيان الصهيوني في باريس. وذلك ردّاً على الغزو الصهيوني والغربي للبنان.
علي وكيلي راد اعتُقل في سويسرا ورُحّل إلى فرنسا عام 1991. وحُكم عليه عام 1994، في المحكمة الخاصة السابقة الذكر نفسها، بالسجن المؤبّد مع فترة أمان لمدة 18 سنة، وذلك لثبوت اغتياله رئيس الوزراء الإيراني الأسبق شهبور بختيار، وسكرتيره في فرنسا. وذلك تنفيذاً لحكم بإعدام رئيس وزراء شاه إيران. لقد أنهى كلّ من جورج إبراهيم عبد الله وعلي وكيلي راد فترة سجن الأمان المرتبطة بالحكم عليهما. الأول منذ أكثر من 10 سنوات، والثاني منذ أقل من سنة. الأول لا يزال في السجن. والثاني أُطلق سراحه منذ أيام! تقدم علي وكيلي راد بطلب وحيد للإفراج المشروط عام 2009، وبُتّ بسرعة قياسية، وأُطلق سراحه، وهو اليوم في بلده إيران، حيث استُقْبِل استقبال الأبطال. وهكذا في مدة أقل من سنة بعد قضاء فترة سجن الأمان هو اليوم في رحاب الحرية.
بينما تقدّم جورج عبد الله، منذ انتهاء فترة سجن الأمان عام 1999 بطلب تلو الآخر للحصول على الإفراج المشروط. ولقد رُفضت جميعها. وكان آخر رفض في أيار 2009، لطلب تقدّم به في شباط 2007، أي بتأخير أكثر من سنة على فترة بتّ الطلب. وفي عام 2003 قررت محكمة الإفراج المشروط إطلاق سراح جورج عبد الله وترحيله إلى لبنان، فاعترضت وزارة العدل الفرنسية فوراً، وعطّلت مفعول هذا القرار. لا يزال جورج عبد الله داخل السجن، وذلك بعد مضيّ حوالى 26 عاماً على اعتقاله، وبعد مضيّ أكثر من 10 سنوات على حقّه في الإفراج المشروط. إنه «سجين رأي»، يُعدّ استمرار اعتقاله بمثابة عملية اختطاف علنية.
علي وكيلي راد مواطن إيراني في بلد دولته تحترم مواطنيها وتحميهم من تعسّف الدول الأوروبية، وتستقبل مناضليها المحررين بكل كرامة وعزّة، وتُجبر السلطات الفرنسية بالقوة على الالتزام بالقوانين. هذا ما نفهمه من الصفقة التي أبرمتها السلطات الفرنسية، بأنْ أفرجت عن علي وكيلي راد بعد يومين من الإفراج عن الجاسوسة الفرنسية كلوتيلد رايس، وتغريمها بضع مئات من آلاف اليوروات. هذه الصفقة التي تعجز السلطات الفرنسية عن تبريرها على حد قول بينوا أمون Benoît Hamon، الناطق الرسمي باسم الحزب الاشتراكي الفرنسي: «إن ادّعاء السلطات الفرنسية عدم وجود صفقة تبادل هو مجرد استخفاف بعقول الناس».
جورج إبراهيم عبد الله مواطن لبناني في بلد تخلّت دولته عن واجب الدفاع عن تراب الوطن في الثمانينيات بوجه الغزو الصهيوني والتآمر الغربي عموماً، فقام على طريقته بما كان عليها هي القيام به. وهو اليوم يقبع في السجون الفرنسية تعسفاً، بينما بعض قادة دولته لا يتجرّأ على مساءلة السلطات الفرنسية عن مصيره. فيما بعضهم الآخر كان شريكاً في العدوان على الوطن، ومنهم من يشارك سعيداً في الحكم.
أين «دولة القانون» التي جاءت تعلّمنا أصولها وزيرة «اللاعدل» الفرنسية، التي وصفها جاك فرجيس، محامي جورج عبد الله، بالكاذبة، ونعت سلوكها بأنه كتصرف عميل فرنسي للولايات المتحدة؟
وأين الدولة اللبنانية التي من واجبها أن تتعلّم من الدولة الإيرانية أصول الحكم ورعاية مواطنيها، وأن تتعلم كيفية التعاطي مع دول الغرب العدوانية، ووضع حد لتعسّفها.