رامي زريقيحمل مصطلح الزراعة العضوية معاني عديدة تتبدّل مع مستعمليه. فمنهم من يرى في تلك الزراعة فرصة للاستثمار في زاوية من القطاع الزراعي لا تزال القيمة المضافة وفرص التصدير فيها مرتفعة. ومنهم من ينظر إليها كأداة أساسية لتحسين نوعية الحياة وصيانة البيئة التي أنهكتها الزراعة المكثّفة. أما المستهلكون، فمنهم من يجد فيها حلاً لأرقهم الدائم المتعلق بتدهور نوعية الغذاء. كما أن هناك من ينظرون إليها كعلامة تميّز اجتماعي لأن كلفتها العالية تحصر استهلاكها بالطبقة الميسورة. هناك جزء كبير من الناس، ومنهم علماء زراعيون، يعتبرون أن الزراعة العضوية ليست أكثر من موضة لا فائدة منها ولا تمثّل حلاً، ولو جزئياً، لمشكلة الجوع والغذاء في العالم. جميع هؤلاء على حق. وجميعهم على خطأ. فالزراعة العضوية لم تبتكر لتكون جزءاً من عملية تجارية واسعة، ولا لتقضي على الجوع، بل لتحلّ مشاكل بيئية متراكمة. إلا أنها تحوّلت إلى زراعة استثمارية عندما اكتشفت شركات الغذاء العملاقة أن هناك سوقاً سريع النمو يتكوّن وبإمكانه أن يزيد من أرباحها، وخاصة إذا ما استهدفت منتجاتها طبقة الأغنياء. أما عن الصفات الصحية المزعومة، فنحن لا نزال نفتقر إلى دراسات حاسمة تظهر تفوّق المنتج العضوي، رغم ميزته في خلوّه من رواسب المبيدات المسببة للأمراض السرطانية. اللافت اليوم، هو أن الأغنياء وحدهم ينعمون بهذه الوقاية. أما الفقراء، فلهم بالخضار والفاكهة «الملغومة»، فيما هم الأكثر حاجة للغذاء الصحي. يجهد الباحثون في إيجاد الحلول لمشاكل الغذاء في العالم من خلال الزراعة المكثفة، تاركين الزراعة العضوية للأغنياء، ولكن، ألا يكمن التحدي الكبير في إيجاد سبلٍ لوضع المنتجات العضوية في متناول يد الجميع، وخاصة الفقراء؟