تابع طلاب الجامعة الأميركية في بيروت اعتصامهم السلمي، أمس، ضد السياسة المالية الجديدة للإدارة، فأحضروا معهم أكياس النوم، للمبيت في الجامعة، وحدثت مشادة طفيفة صباحاً، بينهم وبين وكيل الشؤون الأكاديمية
أحمد محسن
ربما تقلص قليلاً عدد الطلاب المعتصمين في حرم الجامعة الأميركية في بيروت اعتراضاً على زيادة نسبة 25% على الأقساط؟ لا، لم يتقلص. يمكن قول ذلك. الطلاب هم أنفسهم تقريباً. احتلوا ساحة الكولدج هول مجدداً. لليوم التالي، لم تهدأ الحناجر. أتوا باكراً أمس. كانوا أكثر اندفاعاً. في البداية، كان التحرك ضد الإدارة، وما زال مستمراً. ترصّد الطلاب الوفود الإدارية القادمة كالعادة، منذ بداية الدوام، في السابعة صباحاً. كوّنوا سلسلة بشرية، متراصّة، وحاولوا عرقلة وصول الإداريين إلى مكاتبهم. لا بد من تصعيد ما. تشابكوا بقوّة، جنباً إلى جنب. منهم من يؤيد تيار المستقبل، ومنهم من يؤيّد حزب الله، أو القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر. حتى الآن، ورغم سريان بعض الأخبار عن محاولات لزعزعة التحالف الطالبي الموحد، فإن المشهد الطالبي، حتى ساعات العصر، كان متماسكاً. عملياً، كان الخرق الوحيد في الصباح، وتمثل بما وصفه بعض الطلاب بتهديدات وكيل الشؤون الأكاديمية أحمد دلال. حدث الأمر عندما قوبل دخول دلال إلى مباني الإدارة الرئيسية في «الكولدج هول» بصيحات الاستهجان من قبل الطلاب المحتشدين، فما كان منه إلا أن توجه إليهم بالحديث. عندها ظن البعض أنه قد يتجاوب، لكن ما حدث كان معاكساً تماماً، إذ أعلن دلال: «ستندمون على ذلك. كل طالب يشارك في هذا الأمر سيدفع الثمن غالياً». طبعاً، لم تزد تصريحاته الطلاب إلا غضباً، فعاودوا صيحات الاستهجان مرة جديدة. تطورت الأمور، وتطورت تصريحات دلال. وفيما اختلط الحابل بالنابل، نتيجة صراخ الطلاب، ومحاولة دلال الكلام، نقل أحد الطلاب القريبين من مكان وجود وكيل الشؤون الأكاديمية، أن الأخير هدد الطلاب بإحضار «الدولة». هل يعني ذلك أن «الدولة» غائبة عن الجامعة الأميركية في بيروت؟ قطعاً لا. وعلى ذمة الطالب، استدرك دلال سريعاً ليوضح أنه يقصد إحضار قوى الأمن الداخلي لفك اعتصام الطلاب. انتهت المشادة الطفيفة بين دلال والمعتصمين، فغادر الأول إلى مكتبه، على وقع الصيحات ذاتها، ولم يخرج إلا عند الساعة الواحدة ظهراً، في وقت الغداء. كان الطلاب على الموعد. أطلقوا صيحاتهم المنددة، وأطلقوا صافراتهم، إلا أن دلال كان دبلوماسياً هذه المرة. اكتفى بالابتسام. وهنا المفارقة اللافتة. فقد أكد طلاب متابعون أن دلال نشأ في أسرة متواضعة، وقد دخل الجامعة الأميركية في بيروت، بواسطة منحة دراسية، من هنا، يستغرب هؤلاء الطلاب، عدم تجاوبه مع مطالبهم، رغم أنه يعرف جيداً ما يعانيه كثيرون في الجامعة اليوم، لجهة ارتفاع الأقساط. وبعد المشادة مع الإداري الرفيع، تابع المنظمون حملتهم الصباحية على الصفوف، لحث أكبر عدد ممكن من الطلاب على مقاطعة الصفوف بطريقة سلمية. في كلية الهندسة، قاطع الجميع، حتى إن مصادر طالبية نقلت تجاوب بعض الإداريين في الكلية مع الطلاب. الطلاب مستمرون في حملتهم، على غرار الحملة التي قام بها زملاؤهم عام 1974. وفي هذا الإطار، يقول محمد طغمة، أحد المشاركين في الحملة، أن الطلاب لن يتوقفوا، وأن التجاوب مستمر. وفي السياق ذاته، شدد طغمة على الأداء الراقي للأمن في الجامعة حتى الآن، مذكراً بأن المحطة التالية ستكون مساءً، حيث أحضر الطلاب معهم أكياس النوم، تمهيداً للمبيت في حرم الجامعة. يبدو أن الطلاب مصرون على الحملة. الشعارات نعتت الإدارة بالصيصان التي ترفع الأقساط، ووصفت الحدث بالعار، فيما كان بعض الإداريين يسترقون النظر بخجل واضح، إلى الطلاب الذين افترشوا الساحة. وأمام الصدمة التي تواجهها الإدارة، سرت شائعات بأن الأخيرة تحاول إقناع الطلاب بالخروج إلى النشاط الاحتفالي في نهاية الأسبوع (Outdoors)، ومتابعة اعتصامهم يوم الاثنين، في محاولة لتفكيك الصفوف. وفي الحديث عن تفكيك الصفوف، نقلت مصادر طالبية مطلعة أن طلاباً من تيار المستقبل، وأحزاب أخرى في 14 آذار، يتعرضون لضغوط للانسحاب من التجمع، باعتبار أن الرئيس سعد الحريري من الداعمين والمشاركين في المنح الدراسية والقروض مع الفوائد. بيد أن المصادر الطالبية ذاتها، أكدت أن الطلاب نجحوا في تخطي الضغوط.
إلى ذلك، عقد اجتماع مسائي، بين رئيس الجامعة ووفد إداري مع الطلاب المعتصمين، بالتزامن مع رسالة وجهها بيتر دورمان للطلاب، أكد فيها تعهده لنائب رئيس الهيئة التمثيلية للطلاب والأساتذة الياس غانم، وغيره، أنه على استعداد لبدء المناقشات في أي وقت بعد الساعة التاسعة من هذا الصباح، لأن «المناقشة المفتوحة هي جوهر الحياة الجامعية». وخرج الطلاب من الاجتماع بمعطيات متضاربة، لذلك، يرجّح أن تتضح معالم نتائجه اليوم.