خالفت سيّارة قانون السير. لم يمتثل سائقها لأوامر حاجز قوى الأمن الداخلي بحجة أن والده عميد في الجيش اللبناني. وتفاقمت المشكلة
رضوان مرتضى
حاولت سيارة مسرعة، يستقلّها شخصان اجتياز حاجز لقوى الأمن الداخلي، لكنها اصطدمت بإحدى سيارات الحاجز الذي تقيمه الدورية في منطقة زقاق البلاط. حاول السائق الفرار، فقطعت آلية عسكرية الطريق عليه. وعندما أطبق عناصر الدورية على السيارة المخالفة، اقترب آمر الدورية المعاون فادي سرحان من السيارة، طالباً إلى راكبيها الترجّل وإبراز أوراقها. رفض الأخيران النزول عند طلب المعاون. قالا إنهما ابنا عميد في الجيش اللبناني. لم يأبه المعاون بادّعاءاتهما وأصرّ على طلبه إبراز الأوراق. رفع الشابان صوتهما، فحاول المعاون تهدئة الأمور، إلا أن تلاسناً حصل بين الشابين وعناصر من الدورية أسهم في تأزيم الأمور. في هذه الأثناء، حضر رجل يسأل عن آمر الدورية. أجابه المعاون، فعرّف الأخير عن نفسه بأنه العميد الطيّار خ. ا. من الجيش اللبناني.
الرواية المذكورة نقلها مسؤول في قوى الأمن الداخلي، مشيراً الى أن العميد نَهَرَ المعاون قائلاً: «ألم يخبراك بأنهما ابنا العميد»، فما كان من المعاون إلا أن أجاب: «وهل يحق لابنَي عميد أن يخالفا القانون؟».
نفى ضباط في الجيش وفي قوى الامن توقيف أحد في هذه القضية
المسؤول الأمني ذكر لـ«الأخبار» أن إجابة المعاون أغضبت العميد الذي حاول صفعه، فتطوّر الأمر الى تشابك بالأيدي وتدافع بين العميد والمعاون. لم ينته الأمر عند هذا الحد، بل تطوّر الأمر بعد تدخّل ابني العميد اللذين اشتبكا مع عناصر الدورية.
الرواية المنقولة أكّدها أحد العناصر التابعين لفوج الطوارئ، إذ أشار الى أن العميد الذي كان بالزي المدني ترك مكان الحادث، لكن الشابين بقيا بحوزة عناصر قوى الأمن ونُقلا الى مركز فصيلة زقاق البلاط. وفي هذا الإطار، لفت المسؤول المذكور الى أن الشرطة العسكرية أوقفت عناصر الدورية المعزّزة الذين يبلغ عددهم ثمانية عناصر، بالإضافة الى آمر الدورية، مشيراً الى أن العناصر الموقوفين مكثوا حتى منتصف الليل في مقر الشرطة العسكرية في الريحانية حتى انتهاء التحقيق معهم.
من جهة أخرى، نفى أكثر من مسؤول في الجيش وقوى الأمن الداخلي التوقيفات التي جرى الحديث عنها. كذلك نفى مسؤول رفيع في قوى الأمن الداخلي كل ما جرى تناقله عن عراك بالأيدي وتضارب بين عناصر الدورية من جهة والعميد وابنيه، لافتاً الى أن العراك اقتصر على تدافع الاثنين.
لقد وقع خلاف بين عناصر من قوى الأمن الداخلي وعميد في الجيش اللبناني. بدأت الاتصالات على مستوى القيادتين في الجيش وقوى الأمن الداخلي لتحديد المسؤوليات وتبيان ملابسات ما حصل، فانتُدب، بناءً على إشارة القضاء، آمر فصيلة زقاق البلاط الرائد سليم عبده عن قوى الأمن، فيما انتُدب عقيد لم تُعرف هويّته ممثّلاً عن الجيش للقيام بتحقيق مشترك لتوضيح ملابسات الحادثة. انتقل الرائد والعقيد الى مقرّ الشرطة العسكرية في منطقة الريحانية حيث خضع عناصر دورية قوى الأمن والعميد وابناه للتحقيق، فتُرِك الجميع رهن التحقيق بناءً على إشارة القضاء المختص.
وقع الخلاف بين عميد ومعاون، فتضاربت المعلومات المنقولة حول الوقائع التي تلت حصول الخلاف، لكن اتُّفق على السبب الذي أشعل المشكلة. فهل فعلاً استغلّ العميد منصبه للتوسط لابنيه اللذين خالفا قانون السير. ما جرى يُعيد طرح السؤال عن حقيقة مقولة: «الجميع تحت سقف القانون».
يشار الى أن قوى الأمن الداخلي تُسيّر دوريات معزّزة ضمن نطاق بيروت بدءاً من الساعة الثامنة مساء وحتى ساعات الفجر الأولى. والدورية المعزّزة هي التي تتألف من أربع سيارات من فوج الطوارئ، تخرج بإمرة رتيب أو ضابط. أما مهمّتها فلا تتعدى الخمس ساعات، إذ من ضمن مهماتها إقامة حواجز على الطرقات الرئيسية بين الساعة الثامنة مساء وحتى منتصف الليل، وبين منتصف الليل وحتى الساعة الخامسة فجراً.