اليوم اعتصام تحذيري، وغداً اعتصام من نوع آخر». الكلام للجنة «لبنانيّون مبعدون من الإمارات (لما)» الذين نجحوا أمس في إعادة لفت الأنظار إلى قضيّتهم التي راهن المسؤولون اللبنانيون قبل الإماراتيين على «مرور الزمن» عليها
بسّام القنطار
«بقليل من العبارات أصف دولة الإمارات: حسبي الله ونعم الوكيل». عشرات اللافتات التي تحمل هذه العبارة زرعت أمس على طول الرصيف المقابل لمبنى سفارة الإمارات العربية المتحدة في منطقة الجناح، خلال اعتصام نظمته، لجنة «لبنانيون مبعدون من الإمارات (لما)». وكانت الإمارات قد أبعدت منذ حزيران الماضي نحو 45 لبنانياً، وتبع هذه الدفعة من المبعدين دفعات أخرى، إذ تقدر اللجنة عدد المبعدين بنحو 200 شخص

، معظمهم من الطائفة الشيعية. ولم توضح الإمارات سبب الإبعاد، لكن قائد الحرس الجمهوري الذي كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد أوفده قال إن المسؤولين الإماراتيين أبلغوه أن الإبعاد كان لأسباب أمنية.
وقد سعى رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال زيارة الى الإمارات في 13 تشرين الأول الماضي، إلى حلّ هذه القضية، إذ نقلت مصادره في حينها وعوداً تلقّاها بتأليف لجنة لدراسة ملفات المبعدين، وباتّخاذ القرار المناسب بحق كل مبعد.
المبعدون الذين اعتصموا أمس فقدوا الأمل بالعودة إلى الإمارات، لذلك لم يجدوا حرجاً في الكشف عن هوياتهم. محمد أمهز أكد لـ«الأخبار» أن جل ما يطالب به هو التعويض عن المقهى الذي يملكه في أبو ظبي، الذي استثمر فيه جنى عمره من العمل في شركة نفط. أمهز أكد أنه خضع للتحقيق على أيدي أجهزة الاستخبارات الإماراتية التي طلبت منه التعاون عبر مدّها بمعلومات تتعلق بحزب الله في لبنان. أمهز تحدث بمرارة، وقد وقفت الى جانبه ابنته حنين، التي ولدت وترعرت في الإمارات، حاملة لافتة كتب عليها «نحن لسنا عملاء، نحن لبنانيون شرفاء». وحمل عدد من المعتصمين لافتات أخرى كتب عليها «من جدّ وجد ومن زرع في الإمارات أُبعد الى الأبد»، «احذروا غضب المظلوم»، «قاطعوا المنتجات الإماراتية»، «كنا أغنياء وأصبحنا فقراء وفي الوطن غرباء». «كلا كلا إمارات»، «أنا آسف يا ولدي لأني فقدت كل ما بيدي»، «الإمارات بيد تعمّر لبنان وبيد أخرى تبعد اللبنانيين»، «اليوم اعتصام تحذيري وغداً اعتصام من نوع آخر»، و«لنا حقوق عندكم نريدها».
رئيس لجنة المبعدين حسان عليان، أكد لـ«الأخبار» أن اللجنة ستنتظر انتهاء الانتخابات البلدية، وبعدها سيكون هناك خطة تحرك، ولم يستبعد أن تشتمل الخطة على إقامة خيمة اعتصام دائمة أمام السفارة. وأضاف «سوف يفاجأون بما يمكننا فعله، كل يوم سأكتب لهم لافتة جديدة، وكتاب الشيخ زايد حكيم العرب مليء بالحكم التي لا تطبق اليوم في الإمارات».
الحضور السياسي الى جانب المبعدين، اقتصر على هشام الأعور، ممثلاً الوزير السابق وئام وهاب، ومارك أنطون، ممثلاً التيار الوطني الحر، والشيخ شريف الداري، ممثلاً تجمع العلماء المسلمين، يحيى غدار، رئيس «تجمع خيار المقاومة»، والناشط في قضايا حقوق الإنسان علي عقيل خليل.

تنتظر اللجنة انتهاء الانتخابات البلدية لتبدأ خطّة تحرك واسعة
وقد حاول وفد من المشاركين تسليم مذكرة بالمطالب الى السفير الإماراتي رحمي حسين الزعابي، إلا أن المعنيين في السفارة رفضوا تسلّمها، معللين ذلك بالقول إن هذه الرسائل لا يمكن قبول تسلّمها إلا إذا كانت موجهة من وزارة الخارجية. وأجمع المشاركون على «أن هذا الإجراء غير قانوني، وبدعة تقوم بها السفارة».
وقال عليان: «السفير رفض استقبال هذه الرسالة المتضمنة لمطالب الناس، لمظلومية الناس لحقوقهم المشروعة. فعلى الدولة اللبنانية أن تسمعنا جيداً ولا تأخذ علينا أي لوم في المستقبل في اتخاذ أي إجراء ملائم ومناسب لحفظ حقوقنا بأيدينا». وطالب عليان الدولة «بكل أطيافها وألوانها السياسية، بأن تبادر وبأقصى سرعة إلى أخذ الأمر على محمل الجد، واحتضان هؤلاء المبعدين وأن تتعامل معهم كمواطنين».
وتطالب الرسالة التي حاول المعتصمون تسليمها بضرورة «وقف الإبعاد التعسفي والجائر بدون وجه حق فوراً، وقف التعدّيات والممارسات غير الأخلاقية مع الكثير من المواطنين اللبنانيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع الإرهاب النفسي والجسدي أحياناً، والإفراج عن جوازات سفرهم المحجوزة قسراً في الأدراج الأمنية ووقف الاستدعاءات الأمنية، إعادة الثقة والطمأنينة إلى الذين ما يزالون يقيمون في الإمارات، حفظ حقوق وممتلكات الذين أبعدوا والتعويض المادي والمعنوي عن كل سني العمر التي ضاعت في الإمارات».