علي قعفرانيخلال ندوة عن الزواج المدني في مقهى «ة» يوم أول من أمس، أساء المحاضر للعلمانية بدل أن يدافع عنها كما كانت نيّته.
فقد بدأت الندوة بمحاولة لشرح المواد الدستورية اللبنانية التي يمكن الركون إليها في دعم القضية. حرية الفرد، حرية المعتقد، اضافة الى التزام لبنان غير المشروط بتشريعات الأمم المتحدة. حتى تلك اللحظة، كانت الأمور تجري على ما يرام، إلا أن المحاضر، نائل قائد بيه، سرعان ما «خرّبها»، حين تطرّق إلى الحديث عن الأديان. فما فهمناه من خلال الشرح المقدم كان عدم وجود اختلاف بين المدنية والتديّن (؟)، بل إن المحاضر أكّد أن الاديان تدعو في أساسها إلى المدنية، والمشكلة تكمن في تفسيرات رجال الدين، وأنه إذا طُبقت الأديان، وفقاً لتفسيرات المحاضر، فمسألة الزواج المدني تصبح تحصيل حاصل. هل التجأ المحاضر إلى الدين مغازلاً؟ وهل يصحّ القيام بذلك على حساب الأمانة العلمية؟
إن فصل الدين عن الدولة يأتي في صلب الطروحات العلمانية. وتحقيق ذلك الفصل لا يتحقق عبر استجدائه من رجال الدين. لا يتم

استجداء التعاطف يضعف المطالبين بالزواج المدني

الترويج للزواج المدني على طريقة أن الاديان لا تمنع ذلك! لنكن صريحين مع أنفسنا: الاديان تمنع الزواج المدني بل وتحرّمه. فالزواج المدني هو عقد اجتماعي يمكن أن يتم بين أتباع المذهب الواحد ومع ذلك يبقى مرفوضاً من الأديان لا من رجال الدين فقط، لأنه يُخْضِع من يُطَبقه لقانونه المدني في كل ما يتعلق بأمور الطلاق والارث وغيرها، اضافة الى أن هذه الطريقة في دعم الزواج المدني تدل على ضعف واضح في حجج المطالبين به، ما ينعكس سلباً عليهم.
الزواج المدني عنصر أساسي من عناصر النظام المدني الذي يُعَد من أرقى ما يسعى الانسان الى تحقيقه في علم الاجتماع. الدعوة إليه تكون في شرحه وإقامة المفاضلة بينه وبين الزواج الديني من حيث الحقوق والواجبات. أما أن ندعو رجال الدين لإعادة النظر في تفسير أديانهم، فربما كانوا مع العلمانية وهم غافلون عن الامر، فذلك يستحق من منظمي الندوة إعادة نظر!