ترفع إسرائيل من وتيرة التهديدات ضد حملتَي «ناجي العلي» و«مريم» الهادفتين إلى نقل المؤن والمساعدات إلى قطاع غزة. هذه التهديدات تمثّل خرقاً للقانون الدولي، كما أن أي اعتداء على السفن هو جريمة ضد الإنسانية
بيسان طي
التهديدات الإسرائيلية لسفن «الإغاثة» التي ستبحر إلى غزة تمثّل خرقاً للقانون الدولي، فهي انتهاك للمادة الثانية من الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنع استعمال القوة والتهديد بها. تُطرح هذه القضية في إطار حملة السفن اللبنانية لنقل المساعدات إلى غزة. «ناجي العلي» و«مريم» في حملة واحدة. الوجهة تحددت، من بيروت إلى قبرص، فمن قبرص إلى غزة. الحكومة اللبنانية أعلنت أنها ستسمح للسفينة بالإبحار إلى قبرص فقط. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه بموجب القانون اللبناني، يمنع التوجه مباشرة من الأراضي اللبنانية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقصد بذلك الأراضي التي أقامت عليها إسرائيل دولتها أو الأراضي التي تحتلها حالياً بموجب الحصار أو ممارسات أخرى، كما هي حال قطاع غزة. كما يمنع القانون اللبناني التوجه مباشرة من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الموانئ اللبنانية البحرية والجوية.
في معلومات حصلت عليها «الأخبار»، فإن وجهة سير سفن الحملة لن تمر في المياه الإقليمية للدولة الصهيونية، كما أن هذه السفن ستكون محمّلة بمواد غذائية وأدوية وألعاب وكتب للأطفال.
موعد الإبحار من شواطئ لبنان لم يحدد بعد، ورغم ذلك كثّفت إسرائيل من تهديداتها ضد من سيحاول خرق الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة. التهديدات عالية النبرة، أول من أمس نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن «مصادر عسكرية أن سلاح البحرية الإسرائيلي استكمل استعداداته للتصدي» للسفن المنطلقة من لبنان.
صحيفة «هآرتس» تحدثت عن اتصالات إسرائيلية مع دول مختلفة، لمنع انطلاق السفن من لبنان «بوسائل دبلوماسية»، الرسائل التي طلبت إسرائيل نقلها إلى الحكومة اللبنانية شديدة اللهجة.
إذاً هي حالة من الترهيب تفرضها إسرائيل من خلال إطلاق تهديدات ضد سفينة مدنية، لكن خرق إسرائيل للقانون الدولي في هذه القضية يطال عدة مستويات.
بداية، يلفت أستاذ القانون الدولي الدكتور حسن جوني إلى أن قطاع غزة منطقة محتلة، رغم أن إسرائيل ترفض هذا التوصيف. أما واقع أن قطاع غزة أرض محتلة، فإن جوني يفسّره بالعودة إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول الجدار الفاصل، إذ اعتبرت أن الأراضي التي احتلت عام 1967، هي أراض محتلة حالياً وأعطت المحكمة للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير. ويلفت جوني أيضاً إلى أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر «وهي الحارسة والحامية لاتفاقيات جنيف» قد اعتبرت غزة منطقة محتلة. وبالتأكيد فإن الممارسات الإسرائيلية تؤكد هذا الواقع، وأهم مثال الحصار المفروض على القطاع.

الإعتداء على الناشطين في السفن التي تنقل المؤن إلى غزة جريمة خطف وجريمة ضد الإنسانية

إن اتفاقية جنيف الرابعة تنصّ على أنه يجب على القوى المحتلة أن تسمح بدخول المؤن والحاجات المدنية الأخرى وحتى حاجيات العبادة لمن يقع تحت احتلالها، وعلى هذه القوة المحتلة أن تُسهّل دخول هذه المواد بل أن تضع إمكاناتها للمساعدة على إدخال المؤن.
في المياه الدولية، إن الباخرة تقع تحت سلطة العلم الذي تحمله، والمس بها هو مس بسيادة العلم أي الدولة التي تنتمي إليها.
أما في المياه الإقليمية للأرض الواقعة تحت الاحتلال فإن القانون الدولي يسمح للمحتل بالتأكد عبر قوة دولية أو وسيلة أخرى بأن البواخر خالية من السلاح. هنا يُشار إلى أن البواخر ـــــ أو الباخرة ـــــ التي ستنطلق من المرافئ اللبنانية لا تحمل أي أسلحة، بل هي بواخر مدنية. أما في ما يتعلق بالمواد الغذائية والحياتية الأخرى فإن واجب القوى المحتلة أن لا تعرقل وصولها. الفقرة الخامسة من المادة 85 من البروتوكول الأول في اتفاقية جنيف تنص على أن عملية عرقلة أو عدم السماح للمؤن بالدخول إلى أرض محتلة «جريمة حرب». يختم جوني لافتاً إلى أن أي اعتداء على الناشطين في السفن التي تنقل المؤن إلى غزة ـــــ أكان القتل أم الاختطاف أم تغيير وجهة السفينة أم غير ذلك ـــــ إنما هو جريمة خطف وجريمة ضد الإنسانية.


لقطة

ما هو الوضع القانوني لسفن حملَتي «ناجي العلي» و«مريم»؟ يقول الدكتور حسن جوني إنها ليست تجارية ولا عسكرية، بل هي سفن إغاثة ونقل مساعدات. ويلفت إلى أن الناشطين على متنها يطبّقون اتفاقية جنيف الرابعة بما أنهم يهدفون إلى تأمين المؤن والحاجات الحياتية وإيصالها إلى الواقعين تحت الاحتلال.
يُشار إلى أن المشاركين في الحملتين صحافيون وناشطون، أي أنهم مدنيون، من جنسيات مختلفة: عرب بينهم لبنانيون، وآخرون من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية وآسيا، بينهم أكثر من 60 صحافياً.
المتابعون للتحضيرات للحملة يستغربون تغاضي منظمات صحافية دولية، كـ«مراسلون بلا حدود»، عن التهديدات التي تطلقها إسرائيل، فهي بذلك تخرق القانون الدولي، وتهدد سلامة الصحافيين المشاركين في الحملة، وتمنعهم من الوصول إلى المعلومات حول الحصار البحري للقطاع.