سمير يوسفقبل سباتي بقليل، ألدُ نفسي يتيماً. هكذا يعدو الأب الميْت صعوداً فوق سطح السرير. يُتركُ الجنين الذي يمكن أن يكون أكثر من واحد فوق أكوام الهلوسات. اللعاب يُسنسلُ المشهد. جماع وهدنة غير مرغوبة وسط سيناريو لا أجدُ كاتبه لأرديه وأكمل فتوحات الرغبة. الناس كلّهم تحت السكّة والقطار يغرّد فوق أحلام مجبولة بطين الحاضر. الرؤية في الحلم لا تشبه الرؤية من العدسة ــــ ليس العمق بالأمر الوارد ــــ الأبعاد موجودة لكنها بمطلق الأحوال ليست في حسابات الذاكرة. عندها، يأتي النتوء إلى بؤبؤ عينكَ فقط لا غير. تهيم بجفنكَ إلى قهوة الصباح وكلّ ما كان خلف الصورة الأقرب إلى وجهكَ غير مدوّن في حديثكَ. تقفز من بلاد الـ«أنا» وهيكل المدينة ينعكس تحتها مثل الظلّ. البشر يتشاورون في الحلم ويقيمون اجتماعات لكنّهم، في الواقع، ينكرون الأمر.
سأخبركِ،
المدرسة الكاثوليكيّة واجهَها جبل أزرق شاهق، من نقطة غير محدّدة على متنه، قفزت مراراً إلى حيث لم أصل. الهوّة الرهيبة اللامتناهية كانت تصبّ في صمّام قلبي مزيداً من القشعريرة في كلّ سقوط جديد: مدينة ملاهٍ للراشدين فقط.
رأيتُ صديقي ذا العين الواحدة منهمراً معي لكنّه سرعان ما تمسّك بحبل متدلٍّ من السماء. أنا عبثاً حاولت.
رسمت بجسدي إيماءً لسيناريو حلم آخر لم يقع بعد. كان السقوط بلا موت، مبدعاً لكن بلا موت.
ساحة النوم ملك لـ«اللا هنا»، وآخر ما بقي عويل عميق: أنا في الحلم لا أمارس أيّ موت، لأني لا أكون موجوداً. هي شعرة، تشبه ما بين الشيء وواقعه، مساحة استباحت نومي، في أسوأ حالاتي فيها أرتعب، أمّا في أحسنها فأدرك، لكن لا أصل، لا أُخدَش.
ماذا قلتِ؟
في نومي، أهجر جسدي. في نومي، ليس هناكَ أحد لأنّ الكلّ نيام. يتخطّى الحلم هذه العتبة المطمورة بالشراشف والبطانيّات. يجلس، ينهض، يشعل سيجارة، يحفر، يبحث، يغسل، يربّي، يهذي، يحرّكني أحياناً كدمية متحركة، ينجز زيارته وهي زيارة «لا شيء إلى لا أحد».