في نظر بعض شباب الطائفة الدرزية، الشروال لباس تقليدي، لكن يصعب الالتزام به في هذا العصر. أما في نظر البعض الآخر، فهو «ليس لباسنا التقليدي أصلاً»
عامر ملاعب
يشهد ارتداء الزي التقليدي لطائفة الموحدين الدروز، المكوّن من الشروال والقميص الأسودين ترافقهما على الرأس قلنسوة بيضاء، نقاشاً ضمنياً بين شبان الطائفة بشأن هويته كزيّ ديني، وبشأن أهمية الالتزام به، على صعوبته. يرفض جواد الصايغ (24 سنة) ارتداءه قائلاً: «المسألة ليست متعلقة بالزي فحسب، بل بتصرّفات الإنسان وسلوكه وعلاقته بالآخرين»، مضيفاً: «كول ع ذوقك والبس على ذوق الناس». فقد وصل جواد إلى هذه الخلاصة بعد أن تعرّض لسلسلة من المواقف نتيجة ارتدائه الشروال، والتزامه بالزي التقليدي لطائفته، ما دفعه إلى العدول عن ذلك. وإذا كانت بعض المواقف التي تعرّض لها طريفة، مثلاً يوم «رفض اللاعبون اشتراكي معهم في لعبة كرة القدم كحارس مرمى لأن الشروال يساعدني في صدّ الكرات!»، إلا أن بعضها كان قاسياً ومحرجاً، مثل «حين رأتني إحدى العاملات الأجنبيات، أخذت تضحك وتتهكّم مفسّرة سبب هذا اللباس على ذوقها». ورغم امتناعه اليوم عن ارتداء الشروال، إلا أن جواد يعترف بإيجابياته، فهو «زي مريح ومرتب، ويبدأ سعره، كبدلة كاملة، أي الشروال والقميص والعباءة فوقهما، من 100 دولار وما فوق».
النقاش مع الشيخ نضال العنداري (23 عاماً) يبدأ من مكان آخر. فبالنسبة إليه، «لا يرتبط الشروال أصلاً بالزي الديني الدرزي»، ويصحّح الفكرة الشائعة قائلاً «الزي الحقيقي لطائفة الموحدين هو ما يعرف بالقمباز، لكونه يغطي الجسم على نحو لائق. أما الشروال، فهو زي تركي». ويضيف «أنا لا ألبس الزي الرسمي إلا في المناسبات الدينية، أما في الأيام العادية، فأرتدي اللباس العادي كما بقية الشباب اللبناني».
من ناحية أخرى، ينتصر بعض الشباب لهذا الزي، فيتحدث رجا المهتار (32 عاماً) عن «سرقة الغرب لحضارتنا بما فيها لباسنا، إذ يعيدون هندسته ويصدّرونه إلى بلادنا بجنسية جديدة». يضيف: «كان الرجال يتباهون قديماً بحجم الشروال الذي ينقسم إلى قسمين: الساقين و«البحر»، أي القسم الأعلى منه. فإذا كان حجم البحر كبيراً، يعني ذلك أن صاحبه قد دفع ثمنه غالياً. أما إذا كان مرفقاً بزنار عريض، أو ما يسمّى بـ«الكامار»، فذلك يعني أن مرتديه ليس مقتدراً فحسب بل غنيّ، لأنه يحفظ في الزنار ليراته الذهبية. ويُستكمل الشروال بالطربوش الأحمر. وكان هذا الزي يشمل كل الطوائف الدينية والطبقات الاجتماعية، لكنه اندثر ولم تحافظ عليه سوى طائفة الموحّدين».
أما رأي المجلس المذهبي للطائفة في النقاش، فيختصره عضو المجلس الشيخ هادي العريضي بالقول: «الزي التقليدي الأساسي لرجال الدين الدروز يسمى «القمباز»، وهو عبارة عن ثوب طويل يغطي الجسم من فوق إلى الأسفل وفوقه العباءة، والعمامة على الرأس، بينما الشروال قد اعتمد فترة وجود الدولة العثمانية. لكنّ الهدف من الزي هو أن يستر الجسم، ويجب أن يكون فضفاضاً ولا يظهر تفاصيل الجسد، أكان لدى الرجال أم لدى النساء». ورغم أنه يشجّع الشباب على الالتزام به، إلا أن العريضي يؤكد أنه في النهاية «يبقى الالتزام الأهم هو في السلوك وليس في المظهر».