أظهر حوار نسوي لبناني أوروبي أنّ جذور العنف ضد النساء واحدة في جميع أنحاء العالم، في ظل سيطرة النظام البطريركي الأبويّ. وبرز التأكيد على أنّ مشاركة المرأة في القرار السياسي غير كافية إذا لم تكن على قاعدة التغيير
فاتن الحاج
هل تخفّف مشاركة المرأة في مراكز القرار السياسي والقوات المسلّحة العنف ضدها؟ ربما كان هذا السؤال الأكثر إثارةً للجدل أمس، على طاولة الحوار الأولى، التي نظّمها منتدى النساء العربيات ـــــ عايشة، والمبادرة النسوية الأوروبية عن «العنف ضد النساء في السلم والحرب». «لا سلام من دون قدرة النساء على العيش بكرامة، ومن دون حماية الدولة لأمنهنّ الإنساني وفق احتياجاتهن ومساواتهن في القانون»، تقول جمانة مرعي، منسّقة منتدى عايشة، مؤكّدة أهمية وصول النساء إلى مواقع صنع القرار وممارسة حقوقهن. لكنّ الناشطة النسوية، جين مقدسي، تسأل هنا: «ما المغزى من دخول المرأة العمل السياسي إذا كانت تقبل تطويعها، فلا تُحدث فرقاً في قواعد اللعبة القائمة، وتصبح بالتالي جزءاً لا يتجزّأ منها؟».
توافق انشراح أحمد، مسؤولة قسم «الجندر» في قوات «اليونيفيل»، على أن مبدأ تأنيث السلام لا يكون بدخول اللعبة فقط، بل المطلوب خلق هيكلة بديلة موازية للنساء والرجال. وهذا ما تفعله الوحدة الجندرية في اليونيفل، كما تقول أحمد. وتلفت إلى «أنّ هناك اتجاهاً نحو زيادة عدد النساء في فريق عمل قوات حفظ السلام، ومحاولة إشراكهن في الجانبين الميداني والتكتيكي بدلاً من العمل في المكاتب».
تتدخّل خلدات حسين، عضو الأمانة العامة لاتحاد المرأة الفلسطينيّة، فتقول إنّ المشكلة ليست في تأنيث السلام وديموقراطية إشراك المرأة في صنع القرار، والدليل أنّ النساء الأميركيات في العراق مشاركات في العنف، وإسرائيل التي تعدّ نفسها دولة ديموقراطية تمارس نساؤها مختلف أنواع العنف ضد الفلسطينيّين. هكذا، ترى حسين أنّ تأنيث السلام يجب أن يرتكز على رؤية للنساء اللواتي يسهمن فيه، وإلّا فما الذي يفسّر إخفاق حنان عشراوي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، في مفاوضات السلام سوى أنّ هذه المفاوضات لم تكن قائمة على سلام عادل.
وإذا كانت د. فهمية شرف الدين من منتدى عايشة، تعتقد أنّ مشاركة المرأة في القوات المسلحة تخفّف بطريقة أو بأخرى من العنف الذي يمارسه الجنود ضدها، فإنّ النزاعات تحوّل، في رأيها، النساء عن اهتماماتهن وخططهن للترقّي الاجتماعي، باتجاه اهتمامات متعلّقة بسلامتهن وراحة عائلاتهن، كما أنّ الحروب التي مرت على لبنان فرضت على بعض النساء الالتحاق بالميليشيات. وتنقل شرف الدين عن جوسلين خويري، المقاتلة الكتائبيّة، قولها إنّها كانت تستمع فقط إلى القرارات المصوغة في المجلس الحربي الكتائبيّ، ولم يكن لها رأي في هذه القرارات.
أما الفرنسية ليليان هولس، رئيسة المبادرة النسوية الأوروبية، فتناولت أوجه الشبه بين تجربتي شبكة عايشة والمبادرة، وخصوصاً لجهة تراجع موقع النساء، زيادة تأثير الحركات المتشدّدة، تفاعل تدخّل الدين في الحياة السياسية الخاصة، والأثر السلبي لذلك على الحقوق الأساسية، تقلّص الحماية الاجتماعية وتراجع دور الحركات الديموقراطية.

إقصاء الفلسطينية عن الحركة السياسية يحمل أبعاداً عنفيّة

وتوقّفت بوريانا جونسون، من السويد، عند مفهوم المبادرة النسوية الأوروبية لـ«معنى السلم والأمن»، والفوارق في المفهوم بالنسبة إلى الرجال والنساء. وفي موضوع الأمن، أشارت جونسون إلى أنّ الأمن الحقيقي يجب أن يستند إلى مبدأ العدالة الاجتماعية. 3 مقاربات تطرّقت إليها جونسون لدى حديثها عن الأمن، هي المقاربة غير المسلحة، المقاربة النسوية، ومقاربة الاختلاف، وعدم المساواة والتمييز. وبدا لافتاً ما جاء في مداخلة خلدات حسين، عن واقع الفلسطينيات اللاجئات في لبنان، والعنف الذي يمارَس ضدهن في المشاركة السياسية تحديداً. «فلا مشاركة للنساء في الوفود التي تمثّل منظمة التحرير أو الأحزاب السياسية أثناء حركة الاتصالات السياسية في البلد، وهذا يحمل أبعاداً عنفية في مشاعر نساء أسهمن على نحو متكافئ في مهمّات وطنية واجتماعية». ولا تخفي حسين الآثار السلبية للحركات المتشدّدة على حقوق النساء «فلا زغاريد للشهداء كما اعتادت النسوة فعله عند استقبالهم».