في الطبقة السابعة لمبنى وزارة الشؤون الاجتماعية كان الوزير سليم الصايغ يفاخر بأنّ العالم الافتراضي لوزارته بات أكثر قدرةً على التفاعل مع الفئات المستهدَفة، لكنّ رصيف الوزارة كان أمس على موعد مع اعتصام مطلبي يوحي أنّ العالم الواقعي للوزارة لا يشبه الافتراضي البتّة
بسام القنطار
نفّذ اتحاد الجمعيات المتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية اعتصاماً احتجاجياً على التأخّر في توقيع العقود المشتركة معها، ما أدّى إلى حرمان الموظفين صرف مستحقاتهم منذ ما يزيد على سبعة أشهر، وتوقّف الضمان الاجتماعي عن إعطائهم إفادة عمل، إضافةً إلى عدم صرف مستحقات غلاء المعيشة منذ إقرارها في ١ أيار عام ٢٠٠٨. حضر نحو ٥٠ من أصل ٥٥٠ من هؤلاء الموظفين، الذين لا يعترف أحد بصفتهم هذه، لا الوزارة تعدّهم مستخدَمين لديها، ولا الجمعيات تصنّفهم ضمن طاقمها، رَبّ عملهم إذاً هو العقد الموقّع بين الوزارة والجمعية، الذي يتأخر توقيعه كل سنة لأسباب يتقاذفها الطرفان، فمن جهة، تقول الجمعيات إنّ الدائرة المختصّة في الوزارة تمارس سياسة تعسفية في التعاطي مع الجمعيات، فيما تصرّ الوزارة على أن مردّ التأخير هو تقاعس الجمعيات عن تقديم أوراقها في الموعد المحدّد.
تبلغ موازنة هذه الجمعيات مجتمعةً نحو 7 مليارات ليرة، تضع عبرها الجمعية حصّتها من المساهمة في المشروع (30 %) في الوزارة، فيما تصرف الوزارة قيمة الأشغال وبدل التنفيذ وفقاً لكشوف وفواتير بنسبة 70% من كلفة كل مشروع.
«صرخة الموظفين إنسانية الطابع ولا تحمل أيّ خلفية سياسية»، كما يؤكّد توفيق عسيران، رئيس اتحاد الجمعيات المتعاقدة مع الوزارة، الذي يحمّل مسؤولية التأخير الذي حصل لرئيس مصلحة الجمعيات في الوزارة أنطوان متني.
عضو الاتحاد خالد ترو ألقى كلمة باسم المعتصمين، طالب فيها بالتعامل باحترام مع الجمعيات المتعاقدة مع الوزارة، وبأن لا يقال عنها إنها جمعيات وهمية. وأضاف: «نريد أن يطبّق العقد بحذافيره، وأن نعامَل كشركاء، وأن لا يُنظَر إلينا بتعال. ونأمل أن يكون العقد لسنة فنتفادى التأخير الذي يكون أحياناً متعمَّداً في إجراءات التجديد كل ستة أشهر».
أمّا مطالب العاملين، فلخّصها ترو بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان، لأنهم عُيّنوا بقرارات صادرة عن الوزارة، فيما يُنظَر إليهم كدخلاء. أضاف: «إذا كان هناك أسباب مقبولة لتأخير صرف الرواتب، فهي غير مقبولة للتأخّر في صرف زيادات غلاء المعيشة. وفي الحرمان من إفادات الضمان الاجتماعي، رغم أنهم ملتحقون بعملهم». بدورها، شكت زينة ياسين من الاستشفاء الذي بات مستحيلاً مع الوضع الحالي «فوزارة الصحة ترى أنّ الضمان يشملنا، فيما الضمان لا يعترف بنا، وإذا مرضنا نموت على أبواب المستشفيات».
وجهة نظر المعتصمين، لا يوافق عليها الوزير الصايغ، الذي رأى أنّ التحرك موجّه ضدّه، رغم أنه قام بواجبه كاملاً في متابعة الملف وفي التعجيل بعملية إرسال العقود إلى ديوان المحاسبة لإقرارها. وأكد الصايغ أنّ الديوان يرفض النظر في العقود بطريقة منفردة، ويطلب أن تجهَّز كاملةً في مهلة أقصاها تشرين الثاني، وهذا ما لم يحصل، وهي ليست المرة الأولى التي تتأخّر فيها العديد من الجمعيات عن التقدم بالأوراق المطلوبة منها في الموعد المحدد. أما الزيادات على الحد الأدنى للأجور، فأكّد الصايغ أن هذا الموضوع جرت تسويته، و«حبّذا لو أنّ الجمعيات المعنية تواصلت مع الوزارة، لكانت قد تبلّغت القرار الذي اتخذته بصرف هذه المستحقات بدءاً من صباح الغد (اليوم)». أما لجهة الشكوى من تعاطي الموظفين المعنيّين في الوزارة بطريقة تعسّفيّة مع الجمعيات، فأحالها الصايغ على مستشاره القانوني أنطوان زخيا، الذي عرض لـ«الأخبار»: كتاباً موقّعاً من رئيس التفتيش المركزي جورج عوّاد، رداً على الشكوى التي تقدّم بها اتحاد الجمعيات المتعاقدة مع الوزارة إلى التفتيش المركزي. ويؤكد عوّاد في كتابه أنّ العقود التي تجريها الوزارة مع الجمعيات غير مرتبطة مباشرةً بالإدارة أو تابعة لها، وبالتالي، يرى التفتيش المركزي أن العاملين في الجمعيات غير خاضعين لأحكام الوظيفة العامة. علماً بأنّ الشكوى لا تتعلق بالتوصيف القانوني لوضع هؤلاء، بل بالتعسف في طريقة التعامل معهم.اللافت أن الصايغ أصرّ على أن يلتقي وفداً يمثّل المعتصمين بحضور الإعلام، مشيراً إلى أنه على استعداد لتقديم ملفات الجمعيات التي طالبت الإدارة بإلغاء عقودها، وهي تزيد على الـ 40، لكنه قرر أنّ يمدّد عقودها هذا العام، على أمل أن تلتزم بالمعايير التي يجري الإعداد لها، وسوف تكون جاهزة في أيلول المقبل. خلاصة الاجتماع موافقة الصايغ على تعيين شخص يمثل الجمعيات للتنسيق مع الوزارة على غرار ما حصل مع الجمعيات المنضوية في مجلس الخدمة الاجتماعية، إذ عُيِّن محمود رفاعي لهذه المهمّة.