علي قعفرانيالمشكلة ليست في الحكومة أو ما فيها من حقائب، ولا في التدخلات الخارجية، لأنه لا تعريف للخارج في لبنان. لبنان خارج عن المألوف. تكمن الحقيقة في طريقة عمل العقول التجاريّة للبنانيين بامتياز. يتاجرون بكل ما ملكت أيديهم أو حتى طالته وإن لم يكن ملكها. في مواسم الديموقراطية، هُمْ لا يرَوْنَ في صناديق الاقتراع سوى انعكاس لما في هذا البلد من صناديق، داخلية كانت أو خارجية، وتصويتهم يأتي في هذا السياق، أي على أساس المصلحة والاستفادة. فتراهم ينتخبون ضد حزب معين في بلدة معينة بحجة الفساد، ويعودون لينتخبوه في مكان آخر بحجة التوافق. أما إذا زاد الإحراج فليس أفضل من بدعة العائلات لتربح كل الأحزاب أينما ربحت... أضف إلى ذلك موهبة اللبنانيين الموروثة في فن «النكاية»... والأمثال بشأنها كثيرة. فهل ما ينفع في تحسين نسل الديموقراطية الللبنانية أو ربما تبديلها؟
من قال إن المخاتير لا تُنتَخَب على أساس سياسي؟ نعم هناك من المخاتير من يدعو إلى ترسيم الحدود مع سوريا وهناك أيضاً من يؤكد امتلاك المقاومة لصواريخ سكود، بل لديه من المعلومات عن تقنياتها ما يذهل! وصفة «العقول التجارية» هنا تعني الشطارة والتشاطر. والشواهد أكثر من أن تحصى أو تُعد... إليك برنامج اللائحة التي اكتسحت بيروت بغفلة عن أهلها وأصواتهم، هو يتلخّص بكلمة واحدة... المناصفة! ولخيالكم الحرية الكاملة في الجموح لتفسير هذه الكلمة التي تختصر الرواية وأصحابها ووطنهم الواقف على حدود الطوائف. لا هو يجرؤ على الاقتراب منها ولا هو يقوى على فكرة الابتعاد عنها إلى غير رجعة. ففي لبنان من المواطنين ما يستحقونه فعلاً وطناً كما حلموا به أن يكون! ها هي بلدية الانتصاف البيروتي تُنتِجُ نسخة جديدة بعنوان «منْتَصِفَ القامة أمشي 2010». تأتي قوى الجيش الداخلي وعربات الهامفي المضادة للصواريخ لتسهر على هذا الانتصاف وتحميه. أما طائرات الميغ «يا بو الميغانة» الروسية، فهي تجول محمولة على الأكتاف في مسقط رأسها المتني مخترقة جدار الخوف.
هل ما بعد باريس 1،2،3،4 تأتي دمشق 5؟ من يدري؟ السؤال يوجّه اليوم إلى مختار الحي الشرقي.