فضيحة بر الياس الغذائية لم تعد فضيحة، المشتبه فيه أُفرج عنه وسط تضارب في نتائج التحقيقات بين جهازين أمنيّين، والمتابعون يسألون عن العيّنات التي ضُبطت
نقولا أبو رجيلي
تضاربت نتائج التحقيقات في قضية الألبان الفاسدة التي ضُبطت في بلدة برّ الياس منتصف الأسبوع الماضي، فبعد إحالة المشبه فيه موسى ح. من المديرية الإقليمية لأمن الدولة في البقاع الى مفرزة زحله القضائية للتوسع بالتحقيق معه، وذلك بناءً على تكليف النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، التي أشارت بدورها أخيراً الى إخلاء سبيل المشتبه فيه بموجب سند إقامة لعدم كفاية الأدلة.
تابعت «الأخبار» مجريات التحقيق ونتائجه، وبحسب مسؤول قضائي، فإن المشبه فيه تراجع عن إفادته التي كان قد أدلى بها في مركز أمن الدولة، ونفى ما قاله من أنه كان يشتري كميات من اللبنة من عدة معامل لتصنيع مشتقات الحليب، ومن ثم يعيد خلطها مجدداً ويبيعها في المنازل والأسواق الشعبيّة بأسعار متدنّية، وأن كل ما ضبط في الغرفتين اللتين يستخدمهما، ليس سوى علب ومستوعبات بلاستيكيّة فارغة يجمعها من هذه المعامل، بهدف بيعها الى أشخاص يذوّبونها ويعيدون تصنيعها مجدداً بواسطة آلات مخصصة لهذه الغاية.
ماذا عن العيّنات التي ضبطت، وأظهرت نتائج الفحوص المخبريّة بأنها فاسدة ومنتهية الصلاحيّة؟ فقد أوضح المسؤول أن رجال التحري استمعوا الى إفادة أحد أصحاب معامل الألبان والأجبان المدعو هنري أ. خ. الذي جاء في إفادته أنه على معرفة بالمشتبه فيه، وأن الأخير يعرّج على معمله مرتين في الأسبوع، ويجمع علب البلاستيك التي ترمى في القمامة، بعد أن يعمد صاحب المعمل الى تكليف عماله بتكسير هذه العلب تجنباً لاستخدام علامتها التجارية من قبل الغير، كذلك ورد في التحقيق، ودائماً بحسب المسؤول القضائي، أن صاحب المعمل لفت الى إمكان احتواء بعض هذه العلب على بقايا قليلة من مادة اللبنة، مؤكداً أنه كان يسمح للمشتبه فيه بجمعها وتحميلها من معمله من دون مقابل مادي.
ونقلاً عن مسؤول أمني، فقد علمت «الأخبار» أن التوسّع بالتحقيق في مفرزة زحلة القضائية، شمل أيضاً الاستماع الى إفادة المدعو جمال الخليل، وهو صاحب بورة لتجميع المواد البلاستيكية المستعملة، الذي صرح بدوره أنه يبتاع هذه المواد من أشخاص يمتهنون هذه التجارة، من بينهم المدعو موسى الحمود، سوري الجنسيّة، وذلك بأسعار تراوح بين 450 و500 ليرة لبنانية

مسؤول أمني أكّد وجود حوالى 15 كيلوغراماً من اللبنة داخل برّاد الموقوف

للكيلوغرام. وعن أسباب وجود براد داخل إحدى الغرفتين والعثور بداخله على كميات من اللبنة؟ أوضح المسؤول الأمني أن المشتبه فيه صرح للمحققين بأن البراد معطّل منذ زمن، وأن باقي محتويات المكان، تعود ملكيتها لشقيقه الذي كان يمتهن صناعة وبيع الألبان والأجبان، قبل أن يترك هذه المهنة ويعود الى سوريا منذ ما يقارب السنتين.
مسؤول أمني آخر، آثر على نفسه عدم الدخول في تفاصيل ما جرى، مكتفياً بالقول «إن الفصل في تضارب نتائج التحقيقات يعود الى ما يقرره القضاء المختص». فيما أكد مصدر طبي «أن كميات اللبنة التي جرى التحفّظ عليها في الغرفتين، لا تدل على أنها ستهمل، بدليل وجود حوالى 15 كيلوغراماً من اللبنة داخل البراد، بعضها موضّب في علب بلاستيكيّة، والبعض الآخر معبّأ داخل سطل من البلاستيك». وفي معلومات لـ«الأخبار» حصلت عليها من بعض سكان المحلّة، حيث الغرفتان، أن عملية الدهم جرت في وقت كان فيه صاحب العلاقة قد رجع للتو من أحد الأسواق الشعبيّة، بعدما نفدت منه كامل الكميات التي حمّلها صباح ذلك اليوم في سيارة البيك أب خاصته.
متابعون لمسار التحقيقات استغربوا تضارب نتائجها بين مركز أمني وآخر، في فترة زمنيّة لم تتجاوز ثلاثة أيام، وسأل هؤلاء: هل ما حصل هو مجرد معلومات واستنتاجات خاطئة استندت إليها بعض الجهات الأمنيّة؟ وهل يجوز أن تُنهى قضيّة تتعلق بأمن المواطن الغذائي بهذه السرعة، وعلى هذا النحو؟