لم تحط 10 ساعات بكل تفاصيل إعداد الفيلم الوثائقي. لكنها كانت مقدمة جيدة لتعلُّم المبادئ الأساسية لصناعة هذا النوع من الأفلام
محمد محسن
«إعلام الدول الغربية هو ما يجعل شعوبها تظنّ أن الحياة تسير طبيعية». الكلمة ليست لبروفسور في الإعلام أو صحافي أجنبي، بل لأحد المشاركين في ورشة عمل نظّمتها جمعية «شباب الأمم المتحدة في لبنان» تحت عنوان «خطوة خطوة لتعليم إنتاج الفيلم الوثائقي»، السبت الماضي في «زيكو هاوس». وعلى الرغم من أن عناوين الورشة كانت مخصصة لتعليم المبادئ الأساسية لإنتاج الفيلم الوثائقي، إلا أن حواراً جرى في البداية، تمحور حول الدور الكبير للمادة الإعلامية في التأثير على الجمهور. في المجموعة الأولى، ينتقد أحد الشبّان الإعلامية الأميركيّة أوبرا ويمفري التي «خصصت حلقة خلال حرب تموز للحديث عن هلع أطفال إسرائيل! وكأن لا شيء يحدث لأطفال لبنان». دخل المدربون الشباب في صلب موضوع الورشة. فبمعزل عن كل المواد التي نشاهدها، غثّها وسمينها، ما هي الخطوات التي يجب اتّباعها لصناعة فيلم وثائقي؟ ما هي الفروقات بين الفيلم الوثائقي والتقرير؟ وهل مدّة المادة المصوّرة هي التي تحدد طبيعتها أم غير ذلك؟ الأسئلة بديهية بالنسبة للمخرجين، ولكنّها ليست كذلك بالنسبة للمشاركين. فمعظمهم مبتدئون يريدون توثيق عملهم في الشؤون الشبابية أو الاجتماعيّة بمواد مصوّرة. خلال يوم عمل طويل، مدّته 10 ساعات، وبعد تعريف الوثائقي على أنّه «معالجة خلاقة للواقع»، بدأ المدربون عملهم: ليس بالضرورة أن تكون الكاميرا متطورة وسينمائية. ببساطة، يمكن المبتدئ أن يعتمد على كاميرا هاتفه النقّال، أو أي كاميرا صغيرة غير باهظة الثمن. الأمر ذاته ينسحب على الإضاءة. «يمكن الاعتماد بطريقة ما على الإضاءة البيتية، كمصابيح الفلورسانت، وبطريقة إبداعية يمكن تأمين هذه الإضاءة بوسائل متواضعة» كما تقول المدربة مي عبد الساتر. مونتاجياً، دعت المدربة إلى البدء بالتدرب على برامج غير مكلفة، قبل

تنوّعت المواضيع من المنقوشة إلى المخدرات إلى السير الذاتية
العمل ببرامج المونتاج التي تستخدمها شركات الإنتاج الكبيرة ومحطات التلفزة. هكذا، تبدّلت الصورة بالنسبة للمبتدئين. فبعدما كان الفيلم الوثائقي بنظرهم مكلفاً وباهظاً، بات في متناول يدهم. وانتقالاً إلى المواضيع، شدّدت المدربة الشابة على وجوب أن يكون المخرج «مثقفاً، ومحيطاً بالفكرة التي يريد صناعة وثائقي عنها»، وأن يسأل المخرج والمعدّ نفسيهما «من هو جمهورنا؟». أما التشديد على العامل البحثي والتحري من صدقية المعلومات، فهو من أهم أسباب نجاح الوثائقي، مهما اختلفت مدّته.
لاحقاً، أدلى المشاركون بدلوهم. تنوّعت المواضيع التي أبدوا اهتماماً بتوثيقها. بدأت عند المنقوشة وتنوعها ومرّت بالمخدرات والسير الذاتية وانتهت عند يوميات متسوّلة صغيرة. كما جرّب المشاركون، ولو بسرعة، إعداد أفلام وثائقية صغيرة جداً. حملوا كاميرات متنوعة، احترافية وللهواة، لتصوير وثائقي صغير. صوّر بعضهم رعب الانفجارات، فيما صوّر فريق آخر مشاهد تعكس التوتر العصبي الذي يعيشه اللبنانيون. أمّا فترة المونتاج، فقد كانت ممتعة، لولا بعض الأعطال التي جعلت المشاركين يطلبون ورشة عمل خاصة بالمونتاج في الأيام المقبلة.