القاعدة العسكرية الفرنسية كابتيو (جنوب بوردو) تستضيف ابتداءً من 28 الشهر الجاري عملية إعادة رسم مسرح جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفق ما نُشر في صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.يأتي هذا الخبر تأكيداً لما كتبه الصحافي الفرنسي جورج مالبرونو في الصحيفة نفسها وفي مدوّنته الإلكترونية في 19 تموز الماضي، حيث نقل عن «مصدر عسكري» أن محققاً دولياً قد زار مدينة بوردو وحصل اتفاق على اختيار قاعدة فرنسية، وأكد المصدر يومها لمالبرونو أن الزائر هو أحد العاملين في فريق رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري القاضي دانيال بلمار.
التحضيرات تكثفت أخيراً، واللافت أن الخبر نُشر على الموقع الإلكتروني لصحيفة «لوفيغارو» لكنه متاح كاملاً للمشتركين فقط.
وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن «مصدر مقرّب من هذا الملف» تأكيداً للخبر، وأن الاختيار وقع على معسكر كابتيو في منطقة الجيروند. هذا التأكيد يعني انتفاء المخاوف الأمنية التي جرى الحديث عنها، فمن الأسئلة التي طُرحت في هذا الإطار كلام بعض المتابعين عن «مخاطر ناجمة عن دراسة متفجرات أو أسلحة قد استُخدمت في الجريمة؟»، فيما رأى آخرون أن المخاوف ناتجة عن التفكير بـ«مشاكل مفترضة» ومرتبطة بالموقف الفرنسي من مسار التحقيق في الجريمة.
الاستعدادات بدأت في حزيران الماضي مع زيارة قام بها خبير فرنسي في المتفجرات للمعسكر
الصحافي جورج مالبرونو كتب على موقع «لوفيغارو» أن الاستعدادات بدأت في حزيران الماضي مع زيارة قام بها خبير فرنسي في المتفجرات للمعسكر، وأن هذا الخبير يعمل في فريق المحققين التابع للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية اغتيال الحريري. وأضاف الصحافي الفرنسي أنه جرى شق طرق وتركيب مبان في المكان ليكون مشابهاً تماماً لمكان الجريمة. وفق ما جاء في خبر نشرته وكالة الصحافة الفرنسية، فإنه لم يصدر أي تعليق على هذا الموضوع من وزارة الخارجية الفرنسية ولا وزارة الدفاع على هذا الخبر.
يُذكر أن «الأخبار» كانت قد نقلت عن مصدر فرنسي قوله إنه لا يُتوقع نقل متهمين أو مشتبه فيهم إلى هذه القاعدة، وإن العملية ستقتصر على الطابع العسكري. في الوقت عينه، لا ينفي المصدر الأسئلة التي قد تثيرها عملية اختيار قاعدة فرنسية، و«خاصة أن القاعدة المقصودة هي في جنوب بوردو، وهي لا تتمتع بمواصفات استثنائية على الصعيد العالمي».
من جهة ثانية، فإن عملية إعاة بناء مسرح الجريمة تهدف عادة إلى رسم خريطة مطابقة للمكان كما كان، وكيفية المرور فيه، ودراسة الاحتمالات المختلفة لكيفية حصول الجريمة، ما قد يُساعد على تحديد المشتبه في أنهم شاركوا في تنفيذها والتخطيط لها، كما أن هذه العملية تهدف إلى الإجابة عن أسئلة متنوّعة يطرحها المحققون في جريمة ما. في رسم مسرح الجريمة، يصح اختيار مكان غير الذي شهده، وليس من الضرورة أن يتمتع المكان الجديد بمواصفات المسرح الأول نفسها. الأمثلة في هذا الإطار كثيرة، ربما أبرزها حادثة لوكربي حيث أعيد «بناء» الطائرة التي تفجّرت، لمعرفة ملابسات هذا التفجير. هذه العملية تمت بتجميع قطع الطائرة وشظاياها التي تناثرت في بقعة يزيد قطرها على ثلاثين كيلومتراً.
(الأخبار)