خلال الفترة الماضية، كثرت المدوّنات الإلكترونية. إحداها، تطرقت أخيراً إلى واقع المدوّنين، وقدّمت قراءة مبدئية لوضع هؤلاء، هنا مقتطف منها
خلال العامين الماضيين تطوّرت علاقة البلوغوسفير اللبناني مع الواقع السياسي والإعلامي من علاقة هامشية محكومة بعدم الاعتراف بالتدوين كأداة تغيير سياسي واجتماعي إلى علاقة إشكالية يشوبها ارتياب السلطات والقوى السياسية من القدرة التأثيرية المتصاعدة للمدوّنات. من جهتهم، يتفاءل الناشطون والقوى المدنية حول مستقبل التدوين الذي يرونه قلب العلاقة التقليدية بين السلطة والشعب، وأعطى المواطن العادي قدرة غير مسبوقة على التأثير والمشاركة في صناعة الرأي العام.
وشهدت الأعوام الماضية العديد من التجارب التي حوّلت الإعلام الاجتماعي من أداة اتصال ونشر شخصي إلى أداة جماعية فعّالة لها وقع مباشر على القضايا العامة إذ أثبتت قدرتها على التعبئة الاجتماعية والسياسية وعلى تحريك الرأي العام وإزعاج السلطات وكسر الهيمنة الإعلامية لقوى الأمر الواقع. لكن هذا النجاح ألقى بثقله على علاقة التدوين بالفضاء السياسي والإعلامي. وليست الاعتقالات الأخيرة سوى دليل على توتّر القوى السياسية وتخبّطها تجاه هذه الظاهرة الجديدة. وانطلاقاً من هذه التجارب يمكن الخروج ببعض السمات التي تحكم العلاقة بين الفضاء التدويني والفضاء السياسي والإعلامي حتى الآن.
الإعلام الاجتماعي موجود في العمل السياسي في لبنان منذ سنوات، وكانت المعارضة السابقة في التسعينيات تعتمد عليه اعتماداً كبيراً لتعبئة الصفوف وجذب الشباب كما كان التدوين أداة فعّالة. لكنه اليوم يدخل مرحلة جديدة على أكثر من صعيد: من ناحية أولى نلاحظ دخول الأحزاب والقوى والشخصيات السياسية إلى الفضاء الالكتروني بقوة، وبدء إدراكهم لأهمية هذه الأداة في

ثمة سمات تحكم العلاقة بين الفضاء التدويني والفضاء السياسي

التواصل مع مناصريهم ومع الناخبين. وبالإضافة إلى المواقع الرسمية للأحزاب التي تطوّرت كثيراً خلال الفترة الأخيرة، دخلت الأخيرة أيضاً مجال الإعلام الاجتماعي فانتشرت الصفحات الرسمية للنواب على الفايسبوك كما أنشأت بعض الأحزاب مدوّناتها الخاصة وقنواتها على يوتيوب وتويتر. ولم يتوان بعض السياسيين مثل النائبين سليمان فرنجية ونهاد المشنوق عن التواصل مع مناصريهم مباشرة على الفايسبوك.
وخلال الفترة الماضية أصبح الفايسبوك الأداة الرئيسية لقوى المجتمع المدني لتوجيه الدعوات إلى النشاطات المباشرة. وكانت التظاهرة العلمانية كما سبق أن تحدثنا قد ابتدأت من دعوة بسيطة على الفياسبوك لتتحوّل في ما بعد إلى تظاهرة ضمّت الآلاف. ويبقى دور المدوّنات محدوداً نوعاً في هذا المجال إذ نادراً ما نشاهد دعوات للتحرّك على صفحاتها رغم المقالات التعبوية، مع العلم أن المدوّنين أنفسهم هم في معظم الأحيان محرّكو النشاطات والدعوات على الفايسبوك. والسبب الأكثر منطقية لتفسير ذلك هو أنه في ما يتعلّق بالنشاطات، المدوّنات هي أساساً أداة تعبئة وتحريك للرأي العام، فيما يبقى الفايسبوك الأداة المفضّلة للناشطين لتوجيه الدعوات الفعلية وتنظيم النشاط. لكن هناك مدوّنات يغلب عليها الطابع العملي، فلا تخلو أسبوعياً من عدّة دعوات وتغطيات للنشاطات.
مدوّنة نينار:
http://saghbini.wordpress.com