في إطار مشروع «مدينتي بيتي»، ينظم مكتب التنمية المحلية في صور دورة تدريبية لرصد الخروقات البيئية فيها بعدسات عدد من الشباب. هكذا، تسلح الشباب بكاميراتهم لأسابيع، وخرجوا لاصطياد الجرائم البيئية المتفشية في المدينة
صور ــ آمال خليل
تستحق صور أن يقصدها يوسف سمعان (21 عاماً) ثلاث مرات أسبوعياً من منزله في شرقي بيروت، كي يشارك في دورة التدريب على التقاط الصور. وتهدف الدورة إلى رصد ظواهر المدينة وتوثيقها تمهيداً لمعالجتها لاحقاً. وبرغم أنه كان يزورها سابقاً بين الحين والآخر، لكي يستمتع ببحرها وشاطئها الرملي، إلا أن «دوام ذلك الاستمتاع عليه وعلى الآخرين»، حتمّ عليه الاهتمام بالمشاركة في الدورة كجزء من أساليب حماية البحر «الأجمل في لبنان». هكذا، سارع يوسف إلى المشاركة في الدورة التي علم بها عبر موقع المنظمين على شبكة الفايسبوك. والدورة ينظمها مكتب التنمية المحلية في بلدية صور، في إطار مشروع «مدينتي بيتي» الذي أطلق قبل أقل من عامين كأحد سبل مواجهة مشكلات التلوث.
تفشت الفوضى في المدينة أخيراً. باتت تشوّه مظهرها السياحي والجمالي. فالمدينة المدرجة منذ عام 1979 على لائحة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو، باتت أكوام النفايات تستريح على شواطئها، والمكبات العشوائية تتبعثر في أكثر من زاوية منها. هذه هي المعالم الجديدة إذاً، مضافة إليها مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر من بلدات المنطقة، ناهيك عن مظاهر التلوث البصري عبر واجهات الأبنية الباهتة اللون، والمحجوبة مثل الأعمدة بكابلات الكهرباء والهاتف والصحون اللاقطة والإعلانات العشوائية وغير المرخصة. لا شيء طبيعياً في صور.
تفاقم هذه المشكلات، دفع بالبلدية، بتمويل من مجلس مقاطعة برشلونة والمكتب التقني للبلديات المحلية ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة، إلى استنهاض فئة الشباب في صور لمواجهتها والعمل على معالجتها. وقد ركّز القيمون على إثارة حس المسؤولية الذاتية لدى كل منهم ونقلها إلى محيطهم عبر توعية المواطنين على مخاطر رمي النفايات وتشويه المنظر الجمالي العام. من هنا، اتخذ العمل إطاراً بعنوان «مدينتي بيتي»، إذ عندما «يعتبر أن مدينته بيته الخاص، تحل المشكلة» برأي منسق مكتب التنمية والمشروع أشرف صفي الدين.
وبعد سلسلة حملات النظافة والتوعية البيئية والتلوث البصري التي كان قوامها الدائم شباباً متطوعين من أبناء المدينة ومنطقتها، تأتي الدورة الحالية الجارية منذ ثلاثة أسابيع والتي تنتهي خلال أسبوع في بيت المدينة.
هكذا، وجد القيمون أن «تحول الفرد إلى عدسة كاميرا، يمكنه رصد كل الظواهر الشاذة بتفاصيلها، ما يجعله قادراً على تكوين موقف رافض منها» يقول صفي الدين.
سمعان وزميلته منيرفا أبو جمرا (17 عاماً)، وثلاثون شاباً آخر تتراوح أعمارهم بين السادسة عشرة والسادسة والعشرين، وفدوا من صور وبلداتها، يرصدون حالياً ظواهر التلوث البيئي والبصري في صور، عبر عدسات كاميراتهم بعد تدريبهم على فنون التصوير من الزميل حسن بحسون. وبالتالي، فإن الأعمال قد تسهم في حل المشكلات، ولو نظرياً. إذاً، ستصبح مواد الدورة، أشبه بوثاق بصرية، سوف يعرض الأفضل منها في معرض من المقرر تنظيمه في ختام الدورة برعاية البلدية «ليشاهد المواطنون بأم العين ما تجنيه أيديهم». وبعد المعرض، ستجمع الصور في ملف خاص يعرض على الجهات المعنية بالحل من البلدية وصولاً إلى الهيئات الدولية التي تعرض دعمها لتنمية المدينة وتطويرها.
وبالاعتماد على الشباب المتطوع أيضاً، سيُصار خلال الأسابيع المقبلة إلى إعداد كُتيّب يتناول الحلول العمليّة واقتراح بعض الأنظمة الجديدة للحد من مُشكلة التلوّث البصري.


مدينتي بيتي

ترتكز أنشطة مشروع «مدينتي بيتي» على شبكة من المتطوعين والناشطين في الهيئات المحلية في صور. ويستقبل الفئات العمريّة التي تتراوح بين الثانية عشرة والخامسة والعشرين من شباب المدينة وفتيتها والناشطين البيئيين الذين ينتمون إلى جمعيّات بيئيّة، كشفيّة وثقافيّة وتلامذة المدارس الخاصّة والرسميّة في المدينة وطلاب الجامعات والمعاهد العالية. روح الشباب التي تسيّر المشروع في إدارته وتنظيمه وجمهوره، أكسبته شعار «مشروع حلمو كبير»، في إشارة إلى حجم المشكلات البيئية المتفاقمة في المدينة وخطط معالجتها. وخلال أسبوعين، سيبدأ تأهيل واجهة مبنى سكني «ملوث بصرياً» في الشارع الرئيسي للمدينة، إضافة إلى الأعمال الأخرى التي بدأ العمل فيها أصلاً.