نفى وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ أن يكون الهدف من مشروع وضع معايير خاصة لمؤسسات رعاية المسنّين إقفال هذه المؤسسات، بل التشارك في ترتيب أوضاع البيت الداخلي الحافل بالتجاوزات
فاتن الحاج
هل بدأ قطار حقوق «الختيار» يسير على السكّة؟ لا نعرف. وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ متحمّس لتوحيد معايير توفير الحد الأدنى من هذه الحقوق بين المؤسسات التي تعنى بالمسنّين، وكذلك ممثلو هذه المؤسسات أيضاً. هذا ما كشفته، أمس، ورشة العمل التي نظّمتها الوزارة وصندوق الأمم المتحدة للسكان لاستمزاج الآراء بشأن هذه المعايير تمهيداً لتحسين شروط تعاقد الوزارة مع المؤسسات. «بدنا الاقتراحات تجي من تحت لفوق»، يقول الوزير الذي عاد لتوّه من جولة ميدانية في البقاع الأوسط وقرى العرقوب ودير العشائر وغيرها. يبدي صدمته مما رآه في دير العشائر مثلاً، حيث المسنّون متشبّثون بأرضهم، في وقت يبعد فيه أقرب مستشفى عنهم ثلاثة أرباع الساعة، ويعيشون مع ذلك بكرامتهم وعلى خيرات أرضهم، فيما لا تقوم الدولة بأي خدمة تجاههم. ينطلق الوزير من هذا النموذج ليطلب من المؤسسات التشارك في حماية فئة كبار السن المستضعفة. ويشدد على «لبننة المعايير الدولية ومراعاة خصوصيتنا». لكن، هل يستجيب مجلس الوزراء لتوصية أعلن الصايغ أنّه سيرفعها إليه لاعتمادها في السنة المقبلة وتتضمن إلزام جميع وزراء الشؤون الاجتماعية المتعاقبين بعدم التعاقد مع مؤسسات، من دون أن يكون هناك دفتر شروط ومعايير واضحة؟ يعترف الوزير بأنّ الأمر لن يحدث بكبسة زر، لكنّني لن «أقبل شخصياً في المستقبل القريب أن يفتقر دار للمسنين تقع على ارتفاع 1000 متر إلى التدفئة وزيارة المفتشين الاجتماعيين للمؤسسات وفضح الممارسات المنافية للقانون، أقلّها تجارة الأعضاء». يُطمئن الحاضرين بالقول: «ما تخافوا. ما بدنا نسكّر ولا مؤسسة، بل المطلوب نقوّيكن لتساعدونا في ترتيب أوضاع البيت الداخلي». يكشف الوزير أنّ الهيئة الوطنية لرعاية المسنّين ستتسلم الاقتراحات وتحيلها إلى لجنة تقنية متخصصة تستخرج منها معايير الحد الأدنى التي يجري على أساسها تصنيف المؤسسات بحسب مراعاتها للشروط كالآتي: «أ، ب، ج، الخ». ويتوقف الصايغ عند غياب قضية المسنين عن برامج البلديات. ويوضح أن لا شيء يؤمن الاستمرارية في المناطق إلا التعاقد مع الوزارة، مؤكداً أنّ التجربة أثبتت أنّ هناك حاجة لتعزيز مراكز الخدمات الإنمائية، وسط الفوضى التي تعيشها بعض القرى، إذ ليس من الطبيعي أن يكون هناك 5 مستوصفات في قرية واحدة تقوم بالمهمة نفسها «وإنّو ما فينا نسكّر مستوصف واحد لأنّو بتتخاصم العائلات مع بعضها». الحل، برأيه، إصدار مرسوم في مجلس الوزراء يطلب من وزارة الداخلية إعطاء رخصة اجتماعية يتمّ على أساسها فتح المؤسسات.
أما مارتين نجم كتيلي، مديرة برنامج السكان والتنمية، فتعوّل على المشاركين من أكاديميين وعاملين في المؤسسات لبناء توافق حول الأولويات أو المعايير، ضمن العمل في ثلاث مجموعات، تتناول الأولى المؤسسات المقيمة، والثانية الأندية النهارية، والثالثة المستوصفات والخدمات المنزلية والمطاعم.
قبل ذلك، يستمع الحاضرون إلى عرض تقدمه مهى أبو شوارب، عضو الهيئة الوطنية لرعاية شؤون المسنين عن المعايير المتبعة في العالم وفرنسا تحديداًَ، في محاولة للاستفادة منها في وضع المعايير «الوطنية». تكشف أبو شوارب عن أولويات مختلفة لخدمة المسنّين، منها استقلالية «الختيار» وحريته في اختيار الخدمة التي تناسبه (هل هو سعيد بها أم لا؟). كذلك يفرض دفتر الشروط على المؤسسات في بعض دول العالم التشديد على حقوق كبار السن وإبرام عقود مكتوبة تتضمن إجراءات تحضير المسنّ قبل استقباله في المكان، والحفاظ على سرية االمعلومات الشخصية عنه وإتاحة الفرصة له للتعبير عن مشاكله عبر صندوق الشكاوى. وفي دفتر الشروط، تشديد على توزيع استمارات تسأل المسنّ مثلاً ماذا يريد أن يأكل ومتى؟ . طبعاً، لا تغفل المعايير الحقوق البديهية لجهة تجهيز المكان بالبنى التحتية الملائمة وشروط السلامة العامة.
ما هي أبرز حقوق المسنّ؟ يقول د. نبيل نجا، طبيب شيخوخة الذي أدار مجموعات العمل لـ«الأخبار»: «يجب أن يتمتع أولاً بحق تناول الطعام والدواء والشعور بالدفء والاحترام، وعدم الاستغلال النفسي والجسدي، سواء من عائلته أو المؤسسة مثل القول له «شو بدّك. ما في إلّا بتنقّ، ما معي اشتريلك دوا»، أو ربما تأخير إعطائه الوجبة وأحياناً ضربه! وأكد أهمية التحول من الاعتماد في خدمة المسنّين على الاستعطاء من «الأيادي البيضاء» والضغط على وزارة الشؤون لتبنّي معايير الحد الأدنى المطلوب لحماية هذه الحقوق.