فاتن الحاجعندما اعتصم مدرّبو التعاقد بالمصالحة (عقود لا يوقعها مجلس الوزراء ويقبض أصحابها سنوياً) في الجامعة اللبنانية أمام مقر رئاستها في 30 أيلول الماضي، لم تكن فرقة الفهود لمكافحة الشغب في انتظارهم كما فعلت، أمس. يومها، ظن المدرّبون أنّ درب الوظيفة بات معبّداً أمامهم بمجرد أن رئيس الجامعة د. زهير شكر وعدهم بإعداد ملفاتهم وإحالتها على وزير التربية في التاسع من الجاري كحد أقصى، واعتقدوا أنّ الوزير سيرفع الملفات إلى مجلس الوزراء ليصدّق هذا الأخير على عقود رسمية معهم، فور وصول الملفات إليه. هذه العقود تتيح قبض ساعات التدريب شهرياً والاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي وبدل النقل، وهو أمر لم يكن يحصل سابقاً.
أمس، تبلّغ المدرّبون أنّ التعاقد معهم لم يكن يتم دائماً وفق ما تنص عليه عقودهم! وقد يحدث أن يتعاقد مدربان يحملان الشهادة نفسها ويقومان بالمهمة نفسها بعدد ساعات مختلفة، ثم إنّ هناك نواقص في بعض الملفات تحتاج معالجتها إلى وقت غير معلوم، أو أنّ شكر لم يحدد هذه المرّة موعداً لإحالتها على وزارة التربية كالمرّة الماضية. بل إنّ رئيس الجامعة اعتذر أمس عن لقاء وفد المعتصمين لأسباب صحية، موفداً أمين السر العام في الجامعة محمد البابا ممثلاً عنه.
ولم يخرج البابا إلى المعتصمين إلّا بعد نصف ساعة من الوساطات والاتصالات بالرئيس، وصلت إلى أعلى المستويات. هكذا خرج الموظف ليقول لـ«زملائه» المعتصمين «ما فينا نتناقش معكم بحلول منطقية وانتو عم تفقعوا خطابات». ثم طلب منهم أن يؤلّفوا وفداً ليتحاور معه، لكن المعتصمين أرادوا جميعهم أن يكونوا شهوداً على النقاش بعدما ملّوا، كما قالوا، الوعود. اقترحوا استخدام قاعة المحاضرات في الطبقة الأرضية لمبنى الرئاسة، فوافق البابا شرط أن لا يدوم اللقاء أكثر من 10 دقائق، مستئذناً قائد فرقة الفهود! وعندما سأله المعتصمون: «لماذا أحضرتم فرقة مكافحة الشغب ونحنا منكم وفيكم؟»، انتفض قائلاً: «اهتموا بقضيتكم وخلّي كل واحد يقوم بدوره وما تغمسوا برات الصحن».
لكن في بداية اللقاء في قاعة المحاضرات، الذي شاركت فيه دينا سكر، رئيسة دائرة المكتبات في الجامعة، أكد البابا أنكم «زملاء لنا ولستم أغراباً، لكن الطريقة الشعبوية لن تحل مشكلتكم التي هي أيضاً مشكلتنا». وقال: «هل تعلمون كم تربكنا عقود المصالحة لإعدادها؟». بعد ذلك، حمّل أمين السر العام المدربين مسؤولية أزمة الجامعة اللبنانية، بل البلد بكامله. يقول «الجامعة اللبنانية تكبر يوماً بعد يوم وكنا نستعين بكم في خدمات كثيرة أدّيتموها على أكمل وجه، واليوم نحتاج إليكم ولن نستغني عنكم أبداً، لكنكم تعلمون أنّ لبنان يعيش أزمات سياسية متتالية، والدولة ملهية بشي تاني وكانت الجامعة عم بتسيّر أمورها أحياناً بصورة عشوائية بحكم الحاجة عن طريق عقود المصالحة». وأكد البابا أنّ الرئيس لا يستطيع أن يرفع إلى وزير التربية ملفات ناقصة وغير مستوفية للشروط، لذا فالأمر يحتاج إلى بعض الوقت «واللي صبر 3 سنين مش رح يغص بكام اسبوع». يتدخل أحد المدربين فيقول: «ألم نتوظف بشهادتنا؟»، يجيب البابا: «ركزوا على مطلبكم الشرعي بالقبض الشهري والضمان والنقل ولا تدعونا ندخل في العمق لأنّه عندئذ سنُسأل لماذا أخذناكم من دون مباراة!». اللافت ما قاله فؤاد خريس، المدرّب في معهد العلوم الاجتماعية، لجهة وضعهم الهش داخل الكليات، كأن يقال لهم «بصفتكن مين عم تحكوا؟ انتو مصالحة وفينا نستغني عنكم باي وقت».
هكذا، خرج المعتصمون بخفّي حنين وقرروا الاستمرار في الإضراب اليوم، على أن تعقد لجنة متابعة قضيتهم اجتماعاً الاثنين المقبل.


الإضراب مش من حقكم

«انتو مش موظفين ولا يحق لكم الإضراب»، هكذا بادر رئيس الجامعة اللبنانية د. زهير شكر المعتصمين الذين صادفهم في الخارج وهو يهم بالانصراف من مبنى الإدارة المركزية للجامعة عند نهاية الدوام. أكد الرئيس أنّ هناك ملفات غير دقيقة يعمل على معالجتها، داعياً المدربين إلى أن لا يمنّنوا الجامعة «إنو صرلكن 3 سنوات مش عم تقبضوا لأنكم إذا لاقيتو شغل برا بظروف تانية أكيد بتتركوها وبتفلوا». لكن المدربين يسألون: «بصفة شو نحنا بالجامعة إذا كنا نداوم 32 ساعة بالأسبوع ونوقّع على أوراق رسمية ونساعد شؤون الموظفين في التسجيل ونخلّص معاملات الطلاب، أليست كل هذه الأعمال مهمات رسمية؟ ثم إذا كان التعاقد معنا حصل بطريقة عشوائية فهل نحن مسؤولون عن ذلك؟».