طلب القاضي نديم عبد الملك الإعدام لرجل اتُّهم بالتسبّب بوفاة ابنته. وقائع القرار الظني تفيد بأن والدا الفتاة انفصلا، وتزوج الأب ثانية. راح وزوجته الجديدة يُسيئان معاملة الطفلة. كتما أنفاسها، ففارقت الحياة. رمياها في النهر وعُثر على جثّتها في طرطوس
رضوان مرتضى
ادّعى كوبر خ. أن ابنته القاصرة سمر (اسم مستعار) سقطت في النهر. وأفاد بأنه عندما عادت زوجته إلى المنزل لم تجد الفتاة البالغة من العمر 8 سنوات، وتبيّن لها أن النافذة المطلة مباشرة على نهر إبراهيم مفتوحة وقد وُضعت تحتها «فرشتا» إسفنج. رجّح الأب، في الادّعاء، أن تكون الطفلة قد سقطت في النهر.
بدأت القوى الأمنية بتحقيقاتها، فأُجري كشف حسيّ ليتبيّن صحة ما قيل لجهة وجود الفرشتين، ولم يلاحظ أي كسر أو خلع أو بعثرة داخل المنزل. استمع رتيب التحقيق إلى زوجة الأب لميس ش. فكررت ما ورد في ادّعاء زوجها موضحة أن الفتاة هي ابنة زوجها، وأنها تقيم معهما منذ نحو سنة وثلاثة أشهر. وقالت لميس إنها كانت تضرب الفتاة في بعض الأحيان على سبيل تأديبها، في حضور والدها، مضيفة أن الفتاة كانت عنيدة وسيّئة الطباع، لذلك كانت تضربها. وأشارت إلى أنها لا تشك في أن الفتاة تعرّضت للاختطاف، بل تعتقد أنها قذفت بنفسها في النهر أو وقعت فيه عن غير قصد. أما في ما يتعلّق بإفادة الوالد، فقد صرّح بأن والدة الفتاة تركتها بسبب زواجها من رجل آخر، وأنه تسلّمها بموجب حكم قضائي. ولفت كوبر إلى أن الفتاة كانت ترغب في العودة دائماً إلى والدتها، لذلك كانت تفتعل ما يغضبه ويُغضب زوجته، ما يدفع به إلى تأديبها بالكلام تارة وبالضرب طوراً. وذكر الوالد أنه ضرب طفلته صباح اليوم الذي اختفت فيه، وذلك لإقدامها على التبوّل داخل المطبخ عمداً، كاشفاً أن ابنه أخبره أن شقيقته ستهرب من الشبّاك لدى ذهابه إلى العمل.
بناءً على هذه الإفادة، أجرت فرقة من الدفاع المدني مسحاً للنهر ولمجراه حتى شاطئ البحر، من دون أن يُعثر على أثر للفتاة.
لمّا تتوصل التحقيقات إلى نتيجة بعد، فتقدمت سحر ر. بشكوى ضد كوبر خ. ولميس ش. بجرم التسبّب بوفاة ابنتها القاصرة. استُمع إلى إفادة المدّعية، فصرّحت بأن ابنتها كانت تتعرّض للضرب المبرح والتعذيب من كلا المدّعى عليهما. حصلت مواجهة بين الطرفين، وبعد الانتهاء من إفادتيهما حصلت مشادة كلامية بين المدّعية والمدّعى عليها لميس، التي قالت للأم «إن شاء الله بتلاقيها ميتة»، قاصدة بكلامها الابنة المفقودة. جرى التوسّع في التحقيق، فأعيد الاستماع إلى إفادات الجميع، فكرروا إفاداتهم السابقة. كذلك فعلت المدّعية سحر ر. التي كررت مضمون شكواها وإفادتها السابقة، وأضافت أنها لدى اتصالها بزوجها السابق المدّعى عليه، أعلمها بأن ابنتها في طرابلس ولم تقع في نهر إبراهيم، فقصدت طرابلس لتبحث عنها لكن دون جدوى. وأكّدت أن زوجة طليقها كانت تضرب ابنتها بقساوة بغية التخلص منها، مشيرة إلى أنها تعتقد أن المدّعى عليهما اشتركا في قتل ابنتها وإسقاطها في نهر إبراهيم أثناء العاصفة الماطرة. توافرت معلومات للمفرزة المذكورة أن في مستشفى باسل الأسد في طرطوس ـــــ سوريا جثة طفلة عمرها تسع أو عشر سنوات، عُثر عليها على شاطئ البحر المواجه لمدينة طرطوس السورية. استُمع إلى إفادة المدّعية سحر ر. فروت أنها قصدت مستشفى باسل الأسد حيث تعرّفت إلى ابنتها المتوفاة من حلق في أذنها ومن ثيابها.
جزم تقرير الأطباء الشرعيين بأن سبب الوفاة هو الاختناق بكتم النفس وليس الغرق
ذكرت الأم أن قاضي التحقيق السوري أعلمها أن ابنتها تعرّضت للخنق، ما أدى إلى وفاتها، فاتّخذت صفة الادّعاء الشخصي ضد كوبر خ. ولميس ش. بجرم قتل ابنتها. كذلك اتصل قاضي التحقيق الأول في طرطوس بالمفرزة المتابعة للتحقيق، ليفيد بأن سبب وفاة الفتاة هو الخنق، لافتاً إلى أن الأطباء الشرعيين أكّدوا تعرّضها لاعتداء جنسي عنيف من الأمام والخلف. أعاد المحققون الكشف على منزل والد الطفلة، واستمعوا إلى إفادة شقيقها القاصر م. خ. فصرّح بأن والده وزوجته كانا يعرضان على شقيقته أفلاماً إباحية، مشيراً إلى أنهما كانا يضربانها لأنها كانت تتغوّط في ملابسها. أُعيد الاستماع إلى زوجة والده فنفت ما قاله ابن زوجها، سواء لجهة إجبار الفتاة على مشاهدة الأفلام الإباحية أو لجهة قيام زوجها بالاعتداء جنسياً على ابنته. وعمّا ذُكر عن وجود مني على جثّة الطفلة، بررت المدعى عليها ذلك بأنه ناتج من مسح الفتاة جسمها بالمحارم نفسها التي كانت هي قد مسحت بها فرجها عند انتهائها من ممارسة الجنس مع زوجها.
حصل المحققون على صورة من محضر التحقيق الصادر عن النيابة العامة في طرطوس توضح أنه تبيّن للأطباء الشرعيين الذين كشفوا على جثة الفتاة حدوث اعتداء جنسي عليها قبل وفاتها من الناحية التناسلية والشرجية. وذكر التقرير أن غشاء البكارة غير موجود، مشيراً إلى وجود كدمات على الفخذين. وجزم التقرير بأن سبب الوفاة هو الاختناق بكتم النفس وليس الغرق.
لا يزال الزوج والزوجة موقوفين في السجن، ويخضعان للمحاكمة بانتظار صدور الحكم عن القاضي فيصل حيدر لدى محكمة جنايات قصر عدل بعبدا.


تكلّمت المدّعى عليها فنقضت الوقائع !

المدعى عليهما كوبر خ. ولميس ش. موقوفان منذ أكثر من سنتين. وقد عُقدت جلسة استجواب في قضيتهما منذ عدّة أسابيع استُجوب خلالها الموقوفان وتأجلت الجلسة إلى 4/2/2011. في هذا السياق، ذكر أحد الذين حضروا الجلسة أن المدعى عليها رفعت يدها طالبة الكلام، فأخبرت القاضي فيصل حيدر أنها تودّ الاعتراف بكل ما حصل. مبادرة المدعى عليها صدمت الزوج الذي رفع صوته بالصراخ والشتائم بحق زوجته، طالباً إليها الصمت، لكن الأخيرة لم تلبث أن بدأت بالحديث حتى خيّمت الدهشة على وجوه الجميع؛ فقد برّأت الزوجة المدعى عليها زوجها من المنسوب إليه، وحصرت الجريمة بها وبشخص آخر من التابعية السوري قبض مالاً مقابل التخلّص من الفتاة. المحاكمة لا تزال قائمة بانتظار كشف المزيد من الملابسات أو إصدار الحكم.


لقطة

صدر عن قاضي التحقيق في جبل لبنان نديم عبد الملك قرارا ظنّيا طلب فيه الإعدام بحق المدّعى عليهما كوبر خ. ولميس ش.، والتي تنص عليها المادة 549 من قانون العقوبات. واتهم القرار كوبر ولميس بالجنايات المنصوص عليها في المادتين 503 و507 ، بحيث تطلب الأولى السجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليه قاصراً، فيما تنص الثانية على العقوبة بالحبس لـ6 سنوات حداً أدنى. وقد بيّنت الوقائع المذكورة أن الوالد اغتصب ابنته القاصرة وارتكب أفعالاً منافية للحشمة معها بالعنف والإكراه، ومن ثمّ أقدم بالاشتراك مع زوجته على قتلها عمداً عن طريق خنقها، قبل أن يرمياها في مياه النهر للتخلّص منها وإخفاء معالم الجريمة.