الحياة ما بتنتهي عند التقاعد» مفهوم يَعد سليم الصايغ، وزير الشؤون الاجتماعية بتطبيقه. أما خطته فإنهاء «فضائح مؤسسات رعاية المسنين تمهيداً لإقفالها» حيث كشف أن بعضهم يتعرض فيها للضرب وسرقة الأعضاء
فاتن الحاج
10% من سكان لبنان مسنّون. أكثر من 50% من هؤلاء بحاجة الى مساعدة الآخرين، وعائلاتهم هي شبكة أمانهم الاجتماعي الوحيدة. «ما حدا بيحل مكان العيلة في دعم الختيار وكل مؤسسات الرعاية الأخرى رديفة»، يقول وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ، خلال إطلاقه أمس التقرير الوطني بشأن الخدمات المتوفرة لكبار السن، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان. الصايغ يتحدث عن مقاربة جديدة تساعد الأسرة لـ«الوقوف على إجريها». هي عملية تنموية في الريف اللبناني حيث أكثر من 50% من المقيمين هناك مسنّون، كما يقول. ويؤكد أنّنا «لن ننتظر قانون ضمان الشيخوخة اللي عم نحكي فيه من 1963، هدفنا اتخاذ إجراءات سريعة لتثبيت المسنين في أرضهم وإعطائهم الاستقلالية في بيوتهم التي لن ندعها تقفل لحاجة هؤلاء إلى أولادهم في المدن». يكشف هنا عن مشروع سيطلقه خلال أسبوعين يتمثل بتوفير 10 باصات تسهّل حركة كبار السن. يستدرك: «ليس هدف المشروع أن نقطع برزقة أحد، لكن من حق هؤلاء أن تصل الخدمة إلى منازلهم ومن حقهم أيضاً أن نخصص لهم قاعات للرياضة الخاصة بهم». أما النوادي النهارية فلا ينبغي أن تكون، بحسب الصايغ، مكاناً يمضي فيها المسن وقته في التدخين ولعب الطاولة فحسب، سائلاً: «ما المانع في أن يلتقي فيها الأطفال تيتا وجدّو ليخبرانهم قصصاً عن الضيعة ولبنان أيام زمان». اللافت أنّ الوزير بدا واثقاً من أنّ مشروعه سيخفض الفاتورة الصحية وسيكرّس مفهوم «الحياة ما بتنتهي بالتقاعد وثقافة الفرح راجعة لقلب الختيار».
لكن من يشرف على معايير الخدمات التي تقدّمها مؤسسات رعاية المسنين ومراكزها؟ يوضح الصايغ أنّ أي شخص يستطيع أن يفتح مؤسسة لرعاية المسنين ولا يحتاج إلّا لعلم وخبر من وزارة الداخلية «والمؤسسات الدينية ما بدها علم وخبر». من هنا، يقول الوزير، «المحبة سبب ضروري لكنّه غير كاف ولازم نعرف شو عم بيصير فضائح بالمؤسسات في معاملة المسنين». لا يخفي الرجل كيف أنّ بعض هؤلاء يُضربون والبعض الآخر يُجبر على توقيع أوراق يوافق فيها على وهب أعضائه، فيما يعيش آخرون حالات مزرية، إذ قد يؤدي غياب التدفئة مثلاً إلى وفاتهم.
لا يكتفي الوزير بتوصيف المشكلة بل يحدّد للمؤسسات سنة واحدة لترتيب أوضاعها قبل إقفالها ضمن معايير ستضعها الوزارة ومؤسسات المجتمع المدني، في ورشة عمل تعقد الثلاثاء 26 الجاري، في مقر الوزارة.

60 ألف ليرة هي سقف الكلفة اليومية للمسن في المؤسسات
أما أسمى قرداحي، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، فتطرقت إلى الازدياد الكبير في الفئة العمرية 65 وما فوق، وانعكاس هجرة الشباب على النمو الاقتصادي والأحوال المعيشية لكبار السن. اللافت ما تقوله قرداحي لجهة التحول الذي طرأ على الأسرة، إذ لم تعد قادرة على حضانة كبير السن كما في السابق، لذا نشأت في السنوات الماضية مؤسسات في القطاع الأهلي والرسمي والخاص، يمكن عدّها بديلة عن الأسرة أو مكمّلة لدورها، تقدّم له خدمات متنوعة وتلبي حاجاته الصحية والاجتماعية.
من هذا المنطلق، أعدّت الوزارة بالتعاون مع الصندوق تقريراً يسهم في تغيير السياسات وإعداد معايير لتطوير الخدمات المقدمة للمسنين في مختلف أنماط المؤسسات. كما أصدر الطرفان دليلاً ينوّر كبار السن وأسرهم بشأن الخدمات الملائمة لحاجاتهم أكانت ترفيهية أو صحية أو اجتماعية.
أظهر التقرير أنّ 44.9% من المؤسسات هي قطاع أهلي، و53.1% منها قطاع خاص و2% قطاع عام. وفي مصادر التمويل، يتبين أنّ 38.8% من هذه المؤسسات متعاقد مع وزارة الصحة و40.8% مع وزارة الشؤون الاجتماعية وبعض المؤسسات متعاقد مع الوزارتين معاً، لكن المسن لا يستفيد من الوزارتين، كما يقول عزام حوري، عضو الهيئة الوطنية الدائمة لرعاية شؤون كبار السن. يتفاوت متوسط الكلفة اليومية لكبير السن، بحسب حوري، في المؤسسات بحسب الخدمة المقدمة ويصل سقف هذه الكلفة إلى 60 ألف ليرة لبنانية حدّاً أقصى لدى 71.4%. مع ذلك فالرقم يفوق أربعة أضعاف التعريفات الرسمية المعتمدة وهي 15 ألف و600 ليرة لبنانية من وزارة الصحة و4300 من وزارة الشؤون الاجتماعية.