نقولا أبورجيلي«ضرب عصفورين بحجر واحد»، هذا ما يسعى إليه البعض في قرى البقاع، من الذين يلحّون بالطلب على رؤساء بلدياتهم وأعضائها، للحصول على «لمبات» مخصصة لإنارة الشوارع بذريعة تثبيتها على سطوح منازلهم وشرفاتها. ليتبيّن لعدد من السلطات المحليّة في ما بعد، أنّ وراء ذلك هدفين، الأول هو إضاءة محيط أماكن السكن وتوفير تكاليف استهلاك الطاقة الكهربائيّة، والثاني إيصال الأخيرة الى داخل منازلهم بأساليب غير شرعيّة.
هذا الأمر لا يقتصر على قرية دون أخرى في البقاع الأوسط، حيث جالت «الأخبار»، وأكّد عدد من رؤساء وأعضاء المجالس البلديّة السابقين والحاليين، الذين فضّلوا عدم ذكر أسمائهم. يؤكد أحدهم الأمر ويسأل: «هل ما يلجاً إليه البعض من أساليب ملتوية لا تخطر ببال الكثيرين، يصبّ في مصلحة بلدته عموماً؟ ظننت في بادئ الأمر أن ما يتداوله الأهالي هو مجرد شائعات مغرضة، الى أن اكتشفت حقيقة ذلك بأمّ عيني». وعن الإجراءات القانونيّة التي اتُّخذت بحق المخالفين، لفت إلى أن البلديّة «اكتفت بتوجيه الإنذارات تحت طائلة اتخاذ التدابير القانونيّة المرعيّة الإجراء، إضافةً الى أن المجلس البلدي يدرس إمكان إزالة هذه اللمبات عن سطوح المباني والشرفات التي كان المجلس البلدي السابق، قد وزعها على البعض لأغراض انتخابيّة».
ما قاله العضو الحالي، ينفيه جملةً وتفصيلاً أحد الأعضاء السابقين في البلديّة نفسها بالقول «هذا تجنّ ولا أساس له من الصحة، كلّ ما في الأمر كان المساعدة على تأمين الإضاءة في الزواريب الضيّقة، وفي محيط المنازل البعيدة عن الشوارع العامة لا أكثر ولا أقل»، مشيراً الى استحالة التعدّي على أسلاك هذه اللمبات، لكونها «رفيعة» ولا تتحمّل ما يستهلكه أصغر منزل من طاقة كهربائيّة، هذا إضافةً الى أن تغذيّة هذه اللمبات من «خط البلديّة» يجري من خلال تركيب «ديجنتور» يتلاءم مع العدد الموزّع في كل حي، الذي تُفصل الطاقة عنه تلقائياً عند الضغط على الشبكة.
في بلدة قريبة تختلط فيها عشوائيّاً تمديدات شبكة كهرباء لبنان بأسلاك المولدات الخاصة، أكد أحد أعضاء بلديتها السابقين، «أن حالات مماثلة كنا قد اكتشفناها سابقاً»، وذلك من خلال تكليف الشرطة البلديّة بقطع التيار الكهربائي ليلاً وفي أوقات متفاوتة عن الحي والمنازل التي دارت حولها الشبهات في هذا الإطار. وعما يتداوله الأهالي عن مبالغ ماليّة طائلة كانت قد دُفعت جراء ذلك، أشار إلى «أن ما دُفع من أموال إضافيّة لم يصل الى هذا الحجم، فالبعض يتعمّد تضخيم الأمور لغايات تندرج في إطار تشويه سمعة من سبق أن تولى المسؤوليه قبله».
تبقى الإشارة إلى أنه رغم نفي البعض حصول هذه التجاوزات، وتأكيد آخرين صحة ذلك، لا يزال عدد من رؤساء البلديات وأعضائها، يوزعون أعداداً كبيرة من هذه اللمبات على أقاربهم وأنسبائهم، وبالأخص الذين وقفوا إلى جانبهم في الانتخابات المحليّة الأخيرة. إرضاء رغبات الموالين، تقابله موجة اعتراض عارمة في صفوف الذين لم يحالفهم الحظ في إيصال مرشحيهم الى سدّة المسؤوليّة. عدد من هؤلاء عبّروا عن استيائهم من الطريقة الكيديّة التي يتعمّدها البعض في إدارة الشأن العام، وناشدوا وزير الداخليّة والبلديات زياد بارود، وضع حدّ لهذه التصرفات التي لا تصبّ في مصلحة الجميع.